تعالى.
وقد روى في الدرّ المنثور عن مجاهد ، قال :
كنّا نرى أنّ (صَغَتْ قُلُوبُكُما) شيء هيّن ، حتّى سمعناه بقراءة عبد الله : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما). وفي التمثيل والتعريض في ذيل السورة بامرأتي نوح ولوط ، وأنّهما مثلا للّذين كفروا ، قال الرازي في تفسيره : «وفي ضمن هذين التمثيلين تعريض بأمّي المؤمنين ، وهما : حفصة وعائشة ، لما فرط منهما ، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشدّه ؛ لما في التمثيل من ذكر الكفر» (١).
وإنّ الخيانة التي ارتكبتها امرأتي نوح ولوط كانت في الدين ، وعداوتهما للنبيّين العظيمين كانت في رسالتيهما الإلهيّتين ، فكيف يكون كلّ هذا المسار الذي ترسمه الآية هو عن بشارة خلافة والدي عائشة وحفصة؟! ، بل لو كان الحال حال بشارة لاقتضى طبع الحال تعاونهما مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لما جبلت عليه الطباع من الميل إلى نفع الرحم ، ولو كان الحال حال عهد إلهي بخلافة أبي بكر وعمر لاقتضى انشداد الابنتين إلى ذلك ، مديحا منه تعالى وعطفا ربّانيا على ما قد أتيتاه ؛ لأنّه ذوبان في الإرادة الإلهية ومسارعة في الغاية الدينية.
وكيف يكون ما فعلتاه مضادّة لدين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على حذو مضادّة امرأة نوح وامرأة لوط ، لو كان خبر خلافة أبي بكر وعمر عهد معهود من رضا الربّ المعبود؟! ثمّ كيف يتلائم كون خلافتهما عهدا في الكتاب ويصرّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على إخفائه وعدم تبليغه للناس ، ويكون إفشاؤه من ابنتيهما مضادّة لله ولرسوله وخيانة في الدين؟!
ولم لا ينزل الكتاب بذلك ، كما نزلت في عليّ عليهالسلام عشرات الآيات ، كقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ*
__________________
(١). التفسير الكبير ٣٠ / ٤٩.