فقال له هارون : فدار من هي؟ قال : هي لشيعتنا فترة ، ولغيرهم فتنة. قال : فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ فقال : أخذت منه عامرة ولا يأخذها إلّا معمورة. قال : فأين شيعتك؟ فقرأ أبو الحسن عليهالسلام : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١). قال : فقال له : فنحن الكفّار؟! قال : لا ، ولكن كما قال الله : (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) (٢). فغضب عند ذلك وغلط عليه» (٣).
وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام ـ في حديث ـ قال : «أما تسمع لقول الله: (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (٤)؟! يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كلّ إمام عادل من الله. قال الله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) (٥).
قال : قلت : أليس الله عنى بها الكفّار حين قال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا)؟! قال : فقال : وأيّ نور للكافر وهو كافر فأخرج منه إلى الظلمات؟! إنّما عنى الله بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام فلمّا أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إيّاهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر ، فأوجب لهم النار مع الكفّار فقال : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٦)» (٧).
وروي في طرقهم عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّين ، فاذا وضع السيف في أمّتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ... ولا تزال طائفة من أمّتي على الحقّ ظاهرين ، لا يضرّهم من خالفهم حتّى يأتي أمر الله وهم على ذلك» (٨). وروي أيضا في
__________________
(١). البينة / ١.
(٢). إبراهيم / ٢٨.
(٣). الاختصاص ـ للشيخ المفيد ـ ٢٦٢ ، تفسير العيّاشي : ٢ / ٢٩ ، بحار الأنوار ٧٢ / ١٣٦.
(٤). البقرة / ٢٥٧.
(٥). البقرة / ٢٥٧.
(٦). البقرة / ٢٥٧.
(٧). تفسير العيّاشي ١ / ١٣٨ ، بحار الأنوار ٧٢ / ١٣٥.
(٨). جامع الأصول ١٢ / ١٦٢ و ١٠ / ٤١٠.