منذ كفرت ، والله لا تسلّم عزّها أبدا ولتقتلنّك ، فاتّهب لذلك أهبته ، وأعدّ لذلك عدّته»(١).
وروى مسلم : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شاور أصحابه حين بلغه إقبال أبي سفيان فتكلّم أبو بكر فأعرض عنه ، ثمّ تكلّم عمر فأعرض عنه ، فقام سعد بن عبادة ...» (٢). ثمّ قال المقداد بن عمرو : «يا رسول الله! امض لأمر الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيّها ... ولكن اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون ... وقال سعد : لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك. وأخذ عمر في الهجر أمام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم» (٣).
وسنبيّن عدّة عوامل أخرى لاحقا هي الدخيلة في تحقّق فتح البلدان ، ك : مبادئ وشعارات الإسلام ، من : العدالة ، ونفي الطبقية ، والحرية للأفراد أمام السلطة الحاكمة. وسيرة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم خلقا وزهدا وهديا. ورزح شعوب البلدان المجاورة لبلاد المسلمين تحت نير الملوكيات المستبدّة الغاشمة طوال قرون ، وتطلّعهم إلى متنفّس للحرية ، ولتبديل نظامهم السياسي والاجتماعي.
مضافا إلى تيقّن المسلمين من صدق بشارات الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، التي هي تدبير وبرمجة منه لوظائف الدولة الآتية بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مضافا إلى تدبير عليّ عليهالسلام في الموارد الحرجة التي وقع المسلمون فيها ؛ وإلّا فممارسات الحزب الحاكم كانت تفتّ في عضد الأمّة ، وهي التي سبّبت وقوف انتشار الإسلام في ما بعد.
ويشير إلى السياسة التي مارسها الحزب القرشي لاختراق صفوف المسلمين ما تعاقدت عليه : فئة الّذين في قلوبهم مرض ، والطلقاء من قريش ، والمنافقين من الأنصار ، ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة وما حولها ؛ من تنفير ناقة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١). المغازي ـ للواقدي ـ ١ / ٤٨.
(٢). صحيح مسلم ٣ / ١٤٠٤ ، البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ٣ / ٣٢١.
(٣). دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٣ / ١٠٧ ، المغازي ـ للواقدي ـ ١ / ٤٨.