لاغتياله ، ثمّ لم يتمّ لهم ذلك ، فكرّروا المحاولة مرّة أخرى ، ولمّا لم يفلحوا تعاقدوا في صحيفة كتبوها على إزواء الأمر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته وعن أمير المؤمنين عليهالسلام ، واستودعوها أحدهم ، وجعلوه «الأمين» عليها ، وشهدها جماعة آخرون ، وكاتبها هو سعيد بن العاص الأموي.
وكان المتعاقدون : أصحاب العقبة (الجماعة الّذين أرادوا تنفير ناقة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم واغتياله) وهم أربعة عشر رجلا ، وعشرون رجلا آخر ، فكان مجموعهم أربعة وثلاثين رجلا. وكانوا هؤلاء رؤساء القبائل وأشرافها ، وما من رجل من هؤلاء إلّا ومعه خلق عظيم من الناس يسمعون له ويطيعون ، وقد اتّفق هواهم على عدم وصول الإمارة لعليّعليهالسلام ، ولا تجتمع النبوّة والخلافة في بني هاشم ، فاتّفقت كلمتهم على تقاسم القدرة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتولية أبو بكر الخلافة كواجهة ، وتوزيع المناصب الأخرى في ما بينهم (١).
__________________
(١). قد ذكرت مصادر عديدة مقاطع متعدّدة من هذه الأحداث ، وأوردت أسماء الجماعة المتعاقدة بالتفصيل ، منها : إرشاد القلوب ـ للديلمي ـ ٢ / ١١٢ ـ ١٣٥ ، المسترشد ـ لابن جرير الإمامي ـ ، كشف اليقين ـ للعلّامة الحلّي ـ : ١٣٧ ؛ نقلا عن حجّة التفضيل ـ لابن الأثير ـ بسنده عن ربيعة السعدي ، عن حذيفة.
وكتاب اليقين ، وكتاب الإقبال ـ لابن طاوس ـ : ٤٥٤ ـ ٤٥٩ عن كتاب النشر والطي.
وقد روى ابن أبي الحديد ، عن أبيّ بن كعب : «ما زالت هذه الأمّة مكبوبة على وجهها منذ فقد نبيّهم». وفي المصدر نفسه عن أبيّ أيضا : «ألا هلك أهل العقدة ، والله ما آسى عليهم ، إنّما آسى على من يضلّون من الناس» ؛ وأهل العقدة : أي أصحاب الصحيفة الّذين تعاقدوا. شرح نهج البلاغة ٤ / ٤٥٤ وص ٤٥٩. وروى ذلك ابن سعد في طبقاته ٣ / ٦١ ق ٣ ، عن جندب بن عبد الله البجلي ، وذكر قصّة مقالة أبيّ بن كعب ، وفي ذيلها قوله : «اللهمّ إنّي أعاهدك لئن أبقيتني إلى يوم الجمعة لأتكلّمنّ بما سمعت من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا أخاف فيه لومة لائم».
وفي موضع آخر ـ الطبقات ٣ / ٦١ ق ٢ ـ : «لأقولنّ قولا لا أبالي استحييتموني عليه أو قتلتموني» ..