المنتصف ، وحدب الوامق ومقة المحقّ» (١).
وقال ابن أعثم : «ثمّ تكلّم الأشعث بن قيس فقال : يا معشر كندة! إن كنتم على ما أرى فلتكن كلمتكم واحدة ، والزموا بلادكم وحوّطوا حريمكم وامنعوا زكاة أموالكم ؛ فإنّي أعلم أنّ العرب لا تقرّ بطاعة بني تميم بن مرّة وتدع سادات البطحاء من بني هاشم إلى غيره ، فإنّها لنا أجود ، ونحن لها أجرى وأصلح من غيرنا ؛ لأنّا ملوك من قبل أن يكون على وجه الأرض قريشي ولا أبطحي» (٢).
ويرى الباحث صدق ما أخبر به أبو ذرّ وبقية المهاجرين والأنصار الاثني عشر من تسبّب خيانة أبي بكر وأصحاب السقيفة ، وضعة مكانة أبي بكر في تمرّد القبائل وطمعها في الخلافة ، واسترابتها في الدين.
ثمّ قال ابن أعثم : «جاء لزياد بن لبيد الأنصاري العامل على كندة رجل يقال له : الحارث بن معاوية ، فقال لزياد : إنّك لتدعو إلى طاعة رجل لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد. فقال له زياد بن لبيد : يا هذا! صدقت ، فإنّه لم يعهد إلينا ولا إليكم فيه عهد ، ولكنّا اخترناه لهذا الأمر.
فقال له الحارث : أخبرني لم نحّيتم عنها أهل بيته وهم أحقّ الناس بها ؛ لأنّ الله عزوجل يقول : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) (٣)؟!
فقال له زياد بن لبيد : إنّ المهاجرين والأنصار أنظر لأنفسهم منك. فقال له الحارث بن معاوية : لا والله ، ما أزلتموها عن أهلها إلّا حسدا منكم لهم ، وما يستقرّ في قلبي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج من الدنيا ولم ينصب للناس علما يتّبعونه ، فارحل عنّا أيّها الرجل ؛ فإنّك تدعو إلى غير الرضا. ثمّ أنشأ الحارث بن معاوية يقول :
كان الرسول هو المطاع فقد مضى |
|
صلّى عليه الله لم يستخلف |
__________________
(١). شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢٦٤.
(٢). كتاب الفتوح ١ / ٤٧.
(٣). الأنفال / ٧٥.