والمختار : جواز ذلك عقلا ، ووقوعه سمعاً.
ثمّ ذكر الإمكان العقلي ، حسب زعمه.
ثمّ تمسّك بشمول أدلّة الاجتهاد للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) والعياذ بالله تعالى.
وأنّ قوله تعالى (إِنّٰا أَنْزَلْنٰا إِلَيْكَ الْكِتٰابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّٰاسِ بِمٰا أَرٰاكَ اللّٰهُ) (١) وما أراه يعمّ : الحكم بالنصّ ، والاستنباط من النصوص.
وأنّ آية : (وَشٰاوِرْهُمْ) إنّما في ما يحكم بالاجتهاد لا بالوحي.
وأنّ قوله تعالى في أُسارى بدر : (مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرىٰ حَتّٰى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) (٢) عتابٌ للنبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم)!! وأنّ النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قال : ((لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب ما نجا منه إلاّ عمر))!! لأنّه كان قد أشار بقتلهم ، ممّا يدلّ على أنّه كان بالاجتهاد لا بالوحي.
وكذا قوله تعالى : (عَفَا اللّٰهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)!!
وكذا غيره من الأنبياء : كقوله تعالى : (وَدٰاوُدَ وَسُلَيْمٰانَ إِذْ يَحْكُمٰانِ فِي الْحَرْثِ (٣) ، وقوله تعالى : فَفَهَّمْنٰاهٰا سُلَيْمٰانَ وَكُلاًّ آتَيْنٰا حُكْماً وَعِلْماً).
وما يذكر بالتفهيم إنّما يكون بالاجتهاد لا بطريق الوحي.
وما روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال في مكّة : ((لا يُختلا خلاها ، ولا يُعضد شجرها)). فقال العبّاس : إلاّ الأذْخِر. فقال (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : ((إلاّ الأذْخِر)) ; ومعلوم أنّ الوحي لم ينزل عليه في تلك الحالة ، فكان الاستثناء بالاجتهاد.
وما روي أنّه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قال : ((العلماء ورثة الأنبياء)) ؛ ولو لم يكن الاجتهاد لديه لَما كان العلماء ورثوا عنه.
وبقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في القضاء : ((إنّكم لتختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض (٤).
__________________
(١) سورة النساء ١٠٥ : ٤.
(٢) سورة الانفال ٦٧ : ٨.
(٣) سورة الأنبياء ٧٨ : ٢١.
(٤) الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي ٤٠٠/٤ ٣٩٨.