وقال الآمدي أيضاً ضمن عنوان : المسألة الحادية عشرة :
القائلون بجواز الاجتهاد للنبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) اختلفوا في جواز الخطأ عليه في اجتهاده ; فذهب بعض أصحابنا إلى المنع من ذلك.
وذهب أكثر أصحابنا ، والحنابلة ، وأصحاب الحديث ، والجبّائي ، وجماعة المعتزلة ، إلى جوازه ، لكن بشرط أن لا يقرّ عليه.
وهو المختار ; ودليله المنقول والمعقول ـ ثمّ استدلّ بقوله تعالى : (عَفَا اللّٰهُ عَنْكَ ...) ، وقوله تعالى :(مٰا كٰانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ...).
وقوله تعالى : (إِنَّمٰا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) (١) أثبت المماثلة بينه وبين غيره ، وقد جاز الخطأ على غيره فكان جائزاً عليه ; لأنّ ما جاز على أحد المثلين يكون جائزاً على الآخر.
وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : ((إنّما أحكم بالظاهر ، وإنّكم لتختصمون إليّ ، ولعلّ أحدكم ألْحن بحجّته من بعض ; فمَن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه ، فإنّما أقطع له قطعة من النار)) ، وذلك يدلّ على أنّه يقضي بما لا يكون حقّاً في نفس الأمر.
وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : ((إنّما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكّروني))(٢).
وبما اشتهر عنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) من نسيانه في الصلاة وتحلّله عن ركعتين في الرباعية في قصّة ذي اليدين ، وقول ذي اليدين : أقَصُرَت الصلاة أم سهوتَ؟ فقال النبيّ (عليهالسلام) : ((أحقّ ما يقول ذو اليدين؟!)) فقالوا : نعم (٣).
وقال : إنّ المقصود من البعثة إنّما هو تبليغه عن الله تعالى أوامره ونواهيه ، والمقصود من إظهار المعجزات إظهار صدقه في ما يدّعيه من الرسالة والتبليغ عن الله تعالى ، وذلك ممّا لا يُتصوّر خطؤه فيه بالإجماع.
__________________
(١) سورة الكهف ١١٠ : ١٨.
(٢) صحيح البخاري ١ / ١١١ ، صحيح مسلم ١ / ٤٠٠ ; ورواه عن ابن مسعود : أحمد في مسنده ١ / ٤٣٨ ، وابن ماجة في سننه ١ / ٣٨٢ ح ١٢١١.
(٣) صحيح البخاري ٨ / ٢٠ ، صحيح مسلم ١ / ٤٠٣.