لدى داود (عليهالسلام) من قبل ، والحكم الناسخ لدى سليمان ، والذي أطلعه تعالى داود أيضاً.
ورغم هذا كلّه ; فإنّ الله تعالى قد وصف ـ في الآية اللاحقة ـ كلاًّ من الحُكمين والعِلمين لداود وسليمان أنّهما : إيتائي ، لا كسبي بجَوَلان الفكر ، والتعبير ب ـ : ((فهّمْناها)) أيضاً أسند الفاعلية إليه تعالى ، لا إلى سليمان نفسه.
المشورة من صاحب الوحي :
عاشراً : ما استدلّوا به من أمره تعالى : وَشٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ، وأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) شاور أصحابه في كثير من الأُمور التي تتعلّق بالدين ، من أمر الحروب وغيرها. وأن ذلك في ما كان الحكم بغير الوحي.
ووهنه بادي بأدنى تدبّر ; إذ أنّ تمام الآية : (فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشٰاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذٰا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) ..
وهي في سياق الآيات الواردة في معركة أُحد ، التي عصى فيها بعض المسلمين أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في لزوم الجبل ، وهم الرماة ، كما عصى جلّهم حرمة الفرار من المعركة ، وجماعة انقلبوا على أعقابهم إلى دين الجاهلية لمّا سمعوا ما قد أشاعه كفّار قريش من قتل النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
وتشير إلى كلّ ذلك الآيات السابقة : (وَمٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ) (١).
وقوله تعالى : (حَتّٰى إِذٰا فَشِلْتُمْ وَتَنٰازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مٰا أَرٰاكُمْ مٰا تُحِبُّونَ...) (٢).
و : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاٰ تَلْوُونَ عَلىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرٰاكُمْ فَأَثٰابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلاٰ تَحْزَنُوا ...) (٣).
__________________
(١) سورة آل عمران ١٤٤ : ٣.
(٢) سورة آل عمران ١٥٢ : ٣.
(٣) سورة آل عمران ١٥٣ : ٣.