و : (يَقُولُونَ رَبَّنٰا أَتْمِمْ لَنٰا نُورَنٰا وَاغْفِرْ لَنٰا إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ) (١)
وغيرها من الموارد ، التي يبيّن القرآن أنّ الفضائل والمحاسن ذات درجات واشتداد وزيادة ، من : الهدى ، والعلم ، والإيمان ، والتسليم ، والإحسان ، والفضل ، والخشوع ، والنور ، وغيرها.
وعلى هذا ؛ فجملة من خطاب العتاب للأنبياء (عليهم السلام) هو من هذا القبيل ، لا من الوقوع في المعصية المعهودة في باب حدود التكليف الشرعي العام ، والسرّ في ورود جملة من هذه الموارد في الكتاب هو لكي لا يقع انبهار بعصمة الرسل فيوجب الغلوّ بتأليههم.
* الثاني : إنّ المرسلين حيث أنّهم أولياء أُممهم ، فالوليّ مسؤول عن المولى عليه ، والإمام من قبله تعالى مسؤول ويساءل عن رعيّته ، وهذا أمر عقلي وجداني ، بل إن الرئيس ليسوؤه وزر رعيّته وإن لم يكن مقصّراً في أداء مهمّته ، لا بمعنى أنّه يكون موزوراً ، بل من باب ما يشير إليه قوله (عليهالسلام) في دعاء أبي حمزة الثمالي : ((إلهي! إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوّك ، وإن أدخلتني الجنّة ففي ذلك سرور نبيّك ، وأنا والله أعلم أن سرور نبيّك أحبّ إليك من سرور عدوّك)).
ويشير إلى ذلك : قوله تعالى : (وَإِذْ قٰالَ اللّٰهُ يٰا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّٰهِ قٰالَ سُبْحٰانَكَ مٰا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مٰا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مٰا فِي نَفْسِي وَلاٰ أَعْلَمُ مٰا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّٰمُ الْغُيُوبِ * مٰا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّٰ مٰا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مٰا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّٰا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبٰادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢).
ففي الآية إخبار بوقوع مساءلة النبيّ عيسى (ع) عن انحراف النصارى وهو تأليههم لعيسى وأُمّه (عليهما السلام) ، مع أنّ النبيّ عيسى (ع) من أُولي العزم من الرسل ، ولم يقصّر في إنذار أتباعه عمّا نهى الله تعالى ، وهو تعالى عالم ببراءة نبيّه عن انحراف أُمّته ، لكن باعتبار كون الأُمّة تحت مسؤولية نبيّها. كما تشير الآية : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ
__________________
(١) سورة التحريم ٨ : ٦٦.
(٢) سورة المائدة ١١٦ : ٥ ـ ١١٨.