أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللّٰهِ بِأَفْوٰاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّٰهُ إِلاّٰ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكٰافِرُونَ) (١).
يا ابن عبّاس! ندبهم رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في حياته بوحي من الله ، يأمرهم بموالاتي ، فحمل القوم ما حملهم ممّا حقد على أبينا آدم من حسد اللعين له ، فخرج من روح الله ورضوانه ، وألزم اللعنة لحسده لولي الله ، وما ذاك بضارّي إن شاء الله شيئاً.
يا ابن عبّاس! أراد كلّ امرئ أن يكون رأساً مطاعاً ، يميل إليه الدنيا وإلى أقاربه ، فحمله هواه ولذّة دنياه واتّباع الناس إليه أن يغصب ما جعل لي ، ولولا اتّقائي على الثقل الأصغر أن يُنبذ فينقطع ، شجرة العلم ، وزهرة الدنيا ، وحبل الله المتين ، وحصنه الأمين ، ولد رسول ربّ العالمين ، لكان طلب الموت والخروج إلى الله عزّ وجلّ ألذّ عندي من شربة ظمآن ، ونوم وسنان)) (٢).
فبيّن (ع) أنّ قريشاً لمّا قرب إصعار الخدود وإتعاس الجدود ، أي علموا بهزيمتهم في حربهم ومواجهتهم لرسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) طمعوا في الاختراق والنفوذ ; للاستيلاء على مقدّرات الأُمور بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، ومن ثمّ حاولوا عدّة مرّات قتل رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، كما في رجوعه من تبوك في العقبة وغيرها.
واتّخذت قريش أساليب متعدّدة للحرب الجديدة والأُسلوب المتطوّر مع الزيّ الحديث لبيئة الناس ، وهي المواجهة من خلال أدوات هذا الدين الجديد لضرب شخصيّة الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وبني هاشم ، وذلك عبر الإزراء بشخصيّة الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، والحطّ من قدره ، والتنزيل من عظمته ، وإثارة الشكوك حول عصمته ، والنيل من حكمته ، والطعن في هديه وسيرته ، وفي المقابل أخذوا يصنعون ويبنون لأنفسهم رموزاً ينسجون لها ألبسة يتطاولون فيها على مقام رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، لكن عبر أُسلوب ملتو ولحن القول ، ورفع شعار الحمية للدين ، تقديماً على الله ورسوله.
واستمرّت السياسة الجديدة لقريش بهذا الأُسلوب حتّى كتبت أقلام بني أُميّة سيرة رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، كتابة بأقلام مأجورة ملؤها الإزراء بشخصيّة الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، والتسافل بشؤون الوحي الإلهي ، والعبث بشأن الرسالة السماويّة ، وكذلك الحال في
__________________
(١) سورة التوبه ٣٢ : ٩.
(٢) بحار الأنوار ٥٥٢/٢٩ ـ ٥٥٤ ; ورواه ابن طاووس في اليقين : ٣٢١ ـ ٣٢٢.