إنكار كون الصلح فتحاً ، وكلّ تبريرهم وعذرهم أنّهم : ((ما توصّل فكرهم إلى ما فكّر فيه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم)!!
فهم ينظرون إلى الأمر بأنّهم يفكّرون ورسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) يفكّر أيضاً ، لا أنّه تجسيد للوحي الإلهي ، فيجتهدون ويجتهد ، ولهم أن يأخذوا برأيهم ويردّون على نبيّ الله تعالى ; وفتح هذا الباب يسوّغ ويبرّر لهم المخالفة لأوامر وأفعال النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
* ومنها : التخلّف عن جيش أُسامة :
فقد ورد تخلّفه وآخرين عن هذا الجيش ، الذي أمر الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في آخر أيّام حياته المباركة بتجهيزه ، ولعَن مَن تخلّف عنه (١).
* منها : موقفه في أيام الرسول (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الأخيرة :
وهو : منعه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في مرضه الذي توفّي فيه ـ في حديث الكتف والدواة ـ من كتابة الكتاب ، وقوله) إنّ الرجل ليهجر) ، وهذه الفظاظة والشقاق والجسارة والجرأة هي هي التي شوهدت منه وسُجّلت له في مواقف عديدة مع النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم).
فقد أخرج البخاري في صحيحه ، بسنده إلى ابن عبّاس ، قال : ((لمّا حضر رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم) : هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده.
فقال عمر : إنّ النبيّ قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت (٢) فاختصموا ، منهم مَن يقول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغو والاختلاف عند النبيّ ، قال لهم رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قوموا عنّي.
قال عبيد الله بن عبد الله بن مسعود : فكان ابن عبّاس يقول : إنّ الرزيّة كلّ
__________________
(١) المواقف ٦٥٠/٣ ؛ السيرة الحلبيّة ٢٠٧/٣ ؛ الكامل في التاريخ ٢١٥/٢؛ الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ٢٣/١ ؛ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٥٣/١.
(٢) أي : الرجال الّذين كانوا حاضرين في البيت.