يسترونه. (١)
ومن الواضح إنه لم تكن هذه الفئة وغيرها من المنافقين من قبيل عبد الله بن أبي سلول وجماعته ممّن كان ظاهر النفاق والشقاق وشاهر بهما وانّما فضحت سورة التوبة المتسترين الذين كانوا في شدة خفاء ولا ريب أنّهم كانوا ذوي خطب ووقع في مجريات الأمور ويرون أنّ حجر العثرة الأساس أمام مخططاتهم هو وجود الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذلك شدّد على أهمية ملاحقتهم ، وتسمى «المثيرة» ؛ لأنها أثارت مخازيهم ومقابحهم. (٢) فلها عشرة اسماء كما ذكر المفسرون. (٣)
ومع كل ما تضمنته سورة التوبة وما كان سبب النزول الرئيسى لها ومع ما تبين من دلالة (الأوّلين السابقين والاتّباع بالإحسان) بتحديدها لدائرة خاصة جدا ، كيف يتجرأ على نسبة التعميم في مفاد الآية المتقدمة؟!
ومن ما ذكرنا يظهر الحال في مفاد الآية الخامسة من تعداد الآيات التي يستدل بها وهي قوله تعالى في سورة التوبة (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(٤) فإن المهاجر ـ كما تقدم ـ لا يطلق على كل مكي أسلم وانتقل الى المدينة وكان في ركاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما دلّت على ذلك سورة التوبة بتقسيمها من كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى فئات عديدة صالحة وطالحة وكذا الحال في عنوان الأنصاري ، فهو ليس كل مدني أسلم وكان في ركاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع أنّ الآية المذكورة فى تفسيرها الوارد عن أهل البيت عليهمالسلام دالّة على تكفير من ذنب وخطيئة صدرت منهم وأنّ التوبة على الله تعالى بلحاظ ذلك. (٥)
__________________
(١). مجمع البيان ٥ / ٦.
(٢). مجمع البيان ٥ / ٦.
(٣). انظر : مجمع البيان ٥ / ٥ ـ ٦.
(٤). التوبة / ١١٧.
(٥). مجمع البيان ٥ / ١٢٦ ـ ١٢٧.