التعميم في كل من صحب ولقى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما أن السورة في الآيات المذكورة تحدّد وتفسر «المهاجر» بأنّه من توافر على قيود أربعة وهي :
الأوّل : الذي اخرج من دياره وأمواله.
الثاني : كون خروجه ابتغاء فضل الله ورضوانه ، كما قدمناه مرارا من أن الهجرة في الاستعمال القرآني هي في المعنى الخاص من الفعل العبادي في سبيل الله ، لا قصد الحطام الدنيوي.
الثالث : نصرة الله ورسوله وقدمنا أنّ كتب السير ملاء بمن كان يجبن في الحروب ومنازلة الأبطال فى ساعة العسرة والشدائد ممن يقال عنهم إنهم من الخاصة الذين صحبوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الرابع : الصدق وهو ـ كما تقدمت الإشارة المختصرة إليه ـ قد شرح في آيات عديدة ، كقوله تعالى
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (١).
فالاستقامة حتى آخر العمر وعدم التبديل من مقدّمات الصدق ، ولذلك اشتهر بين الصحابة في طعنهم على بعضهم بأنه بدّل وأحدث ، كما درج هذا الاستعمال بكثرة عندهم في فتنة قتل عثمان وبقية الفتن التي دارت بينهم ، فدلّت الآية على اشتراط والوفاء بالعهد وعدم التبديل في وصف المؤمنين بالصدق.
وكقوله تعالى في سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ
__________________
(١). الاحزاب / ٢٣ و ٢٤.