* طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ* فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ* أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها* إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى* الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ* ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ* فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ* ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ* أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ* وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) (١).
فنرى في سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّها تشترط في عنوان الصدق الثبات عند الزحف وعدم الفرار والجبن بينما المنافق الخفي جبان في الحروب والنزال كانّه يغشى عليه من الموت لشدّة خوفه وجبنه ، فإذا قاد جيشا ليفتح حصنا عاد يجبّن الناس والناس يجبّنونه ، بخلاف الصادق ، فإنّه كرار غير فرار ، يفتح الله على يديه ، والمنافق الخفي المحترف للنفاق يحزن من هو الكفار والقتال ، ويقول مثلا يا رسول الله أنّها قريش وخيلاؤها ما هزمت قطّ. فليس ذلك علامة الصدق فى ما يدّعيه من الإيمان فهذا الصحابى الّذي أشارت إلى فئته سورة محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم هو المنافق المحترف وصفتهم عكس ما اشير إليه فى سورة الفتح بقوله تعالى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (٢) وأنّ صحابى هذه الفئة عظّ فظّ مع المؤمنين في السلم ، هجين ذعر جبان في الحرب مع الكفار.
ثمّ إنّ السورة تلاحق وجود فئة محترفة للنفاق وهي (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (٣) وهي الفئة التي أشارت إليها سورة المدثر المكيّة (٤) رابع سورة أنزلت في بداية البعثة ، و
__________________
(١). محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم / ٢٠ ـ ٣٠.
(٢). الفتح / ٢٩.
(٣). محمّد / ٢٠ و ٢٩.
(٤). المدّثّر / ٣١.