عليه كما هو دأب المنافقين ودأب الفئة الثانية (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (١) ودأب بعض القالين ، يجعل ذلك منقبة لبعض الصحابة (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢) ، فأين هي السورة القرآنية التي لا تقسّم من صحب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا تميزهم إلى فئات عديدة مختلفة؟! وكذا يشير إلى معنى «الصدق» قوله تعالى في سورة الحجرات :
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ* قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ* يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٣).
فهذه السورة بآياتها هذه هي أيضا تشترط في معنى الصدق : الإيمان ، مع الاستقامة عليه بعدم الارتياب ، والمجاهدة في سبيل الله ؛ مع أنّه قد روى أكثر المفسّرين والمؤرّخين أنّ بعض من يعدّ ويحسب من خاصة الصحابة قد ارتاب في نبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحقّانية الدين في صلح الحديبية واعتراضه على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم!
وبعد ما تحصّل لدينا معنى الصدق والصادقين من العديد من السور ، يتبيّن بوضوح لا ريب فيه أنّ المقصود من قوله تعالى في الآية الأولى من الآيات الثلاث المتقدّمة من سورة الحشر ، وهي : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً
__________________
(١). المائدة / ٥٢ ، الأنفال / ٤٩ ، التوبة / ١٢٥ ، الأحزاب / ١٢ و ٦٠ ، محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم / ٢٠ و ٢٩ ، المدّثّر / ٣١.
(٢). سورة الحجرات ٤٩ : ١٦.
(٣). سورة الحجرات ٤٩ : ١٤ ـ ١٨.