ألم يمنع بعض الصحابة من كتابة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كتابا ـ في مرضه الأخير ـ لا يضلّ المسلمون بعده ما إن تمسّكوا به ، وقولة ذلك الصحابي : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غلبه الوجع ـ أو : المرض ـ أو : إنّ الرجل ليهجر؟! (١) وقد قال تعالى :
(ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٣)
(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٤).
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (٥).
(وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا) (٦)!
وكم من واقعة قد أبرم وقطع فيها غير واحد من العشرة المبشّرة قبل أن يحكم الله ورسوله فيها؟! بل تقدّموا في أشياء قد تقدّم الله ورسوله فيها بحكم خلافا وردّا لذلك الحكم ، كما في الأمثلة المتقدّمة وغيرها!
ثمّ إنّه بقرينة الآية الثالثة من آيات سورة الحشر المزبورة ، وهي : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) (٧) يتبيّن أنّ المراد من «الفقراء المهاجرين» هم «السابقون» وقد تقدّم في سورة التوبة المراد من «السابقين»
__________________
(١). انظر : صحيح البخاري ٤ / ٢١١ ح ١٠ وج ٦ / ٢٩ ح ٤٢٢ ، صحيح مسلم ٥ / ٧٥ ـ ٧٦ ، مسند أحمد ١ / ٣٢٥ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٨٥ حوادث سنة ١١ ه
(٢). النجم / ٢ ـ ٤.
(٣). الحجرات / ١ و ٢.
(٤). الحشر / ٧.
(٥). الأحزاب / ٢١.
(٦). المائدة / ٩٢.
(٧). الحشر / ١٠.