(الصَّادِقُونَ) لا تعمّ كلّ من صحب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان من الكثير ممّن في ركبهصلىاللهعليهوآلهوسلم حالة عدم انصياع وعدم استجابة وعدم ائتمار ، حتّى دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خيمته مغضبا فاستخبرته الحال أمّ سلمة ، فأشارت عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يبتدر ويحلق فسيضطرّون إلى متابعته ، فلمّا رأى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم مثل ذلك استوثق منهم بالبيعة تحت الشجرة كي لا يصدر منهم نكول مرّة أخرى ، فالبيعة أخذت لإنشاء التعهّد والوفاء والالتزام بمقتضى الشهادتين التي أقرّوا بها.
ومن ذلك كلّه يفهم أنّ «الرضا» في الآية كان بعد اعتراض كثير من الصحابة ـ ممّن بايع بعد ذلك ـ على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحصول حالة من عدم التسليم والنكول بينهم ، وما يوجب السخط الإلهي عليهم ، ومع ذلك فإنّ هذا «الرضا» خصّص بالمؤمنين لمّا بايعوا ، ولم يسند إلى عموم الّذين بايعوا كما عرفت. ومع ذلك أيضا اشترط الوفاء بالبيعة وعدم النكث ، أي الوفاء بالعهد الإلهي حتّى حلول الأجل ، ومع كلّ ذلك ، فقد دلّت السورة الكريمة على مديح بعض من صحب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلفظة «منهم» في آخر آية منها.
* أمّا الآيتان الرابعة والخامسة : فهي قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ* الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (١).
وقوله تعالى :
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢).
وقوله تعالى :
(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ
__________________
(١). النحل / ٤١ و ٤٢.
(٢). النحل / ١١٠.