الأولى : إنّ الآية الثانية المذكورة آنفا قد ورد عن أهل البيت عليهمالسلام أنّ أحد وجوه قراءتها أنّها بلفظ (أئمّة) (١) ـ جمع إمام ـ لا (أمّة) ؛ ويعضد هذه القراءة النقاط اللاحقة.
الثانية : إنّ لفظة (أمّة) هي من الألفاظ التي تستعمل في الجماعة كما تستعمل في المجموع ، بل تستعمل في الفرد ، كقوله تعالى :
(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) (٢)
(رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) (٣)
(مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) (٤)
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٥)
(وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ ...) (٦)
(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (٧)
(وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) (٨).
والذي يظهر أنّ المعنى المستعمل فيه للّفظة هاهنا هو بمعنى الجماعة لا المجموع ، وهو أنّ هذه الأمّة الوسط تكون شاهدة على جميع الناس ، والرسول شاهد عليها. ومن البيّن أنّ هذا المقام لا يتشرّف به مجموع الأمّة أو جميع أهل القبلة من الموحّدين ، فهل يجوز أن تقبل شهادة من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر أو على صرّة من بقل ، فيطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟!! كما أشار
__________________
(١). انظر : تفسير القمّي ١ / ١١٨ ، تفسير العيّاشي ١ / ٢١٩ ح ١٢٩ ، تفسير الصافي ١ / ٣٧٠ ـ ٣٧١ ح ١١٠.
(٢). النحل / ١٢٠.
(٣). البقرة / ١٢٨.
(٤). المائدة / ٦٦.
(٥). الأعراف / ١٥٩.
(٦). الأعراف / ١٦٤.
(٧). الأعراف / ١٨١.
(٨). القصص / ٢٣.