لذلك لم تعرف المنطقة ظهور مؤسسة رسمية مثلا تهتم بجمع التراث الشيعي ، ضمن الاساليب العلمية والمكتبية المتعارف عليه في باقي الدول. وانما غاية ما استطاع المجتمع الامامي فعله هو قيام بعض الأفراد والأسر بمجهودات شخصية محدودة ، كان الغرض منها التخفيف من حجم هذا الاهمال ، الذي بدأ ينذر بالكارثة.
فعلى سبيل المثال قامت (دار المكارم لاحياء التراث) وهي دار متخصصة بإحياء تراث أسرة أبي المكارم ، إحدى أبرز الأسر العلمية في منطقة القطيف ، بتجميع وتحقيق عدد لا بأس به من مخطوطات علماء هذه الأسرة. وقد صدر مؤخرا كتاب «ارصاد الأدلة في معرفة الوقت والقبلة» للشيخ جعفر أبو المكارم (١٢٨١ ـ ١٣٤٤ ه) تحقيق عبد الأمير المؤمن ، ومراجعة محمد أمين أبو المكارم.
أما (مؤسسة أم القرى لإحياء التراث) والتي أخذت على عاتقها إحياء تراث الشيعة في الجزيرة العربية ، فقد قامت بتحقيق جملة من المخطوطات وطباعتها. إلا أن جهود هذه المؤسسة تجاوزت المنطقة ، وذلك عند ما اهتمت بالتراث الشيعي بشكل عام. وهذا العمل وإن كان مفيدا لكنه قلص الجهود التي من الواجب تخصيصها لتراث الشيعة داخل الجزيرة العربية. ومن الكتب التي قامت هذه المؤسسة بتحقيقها : «زاد المسافرين في أصول الدين» و «كاشفة الحال عن أحوال الاستدلال» ، للشيخ محمد بن علي بن أبي جمهور الأحسائي المتوفى أوائل القرن العاشر ، وحققهما أحمد الكناني ، وطبعا في ايران سنة ١٤١٤ ه. و «قصيدة خير الوصية» في الوعظ والارشاد والنصيحة ، للشيخ محمد بن عبد الله بن رمضان الأحسائي المتوفى سنة ١٢٤٠ ه ، تحقيق السيد هاشم بن السيد محمد الشخص.
يمكن الكلام كذلك عن مؤسسة (الهداية للطباعة والنشر) التي تقوم حاليا بتحقيق كتاب «هدى العقول في شرح أحاديث الاصول ـ خمسة عشر مجلدا مخطوطا) للشيخ محمد بن عبد علي آل عبد الجبار القطيفي المتوفّى حدود سنة ١٢٦٠ ه ، ويعد هذا الكتاب من أفضل الشروح وأكبرها على «أصول الكافي». وقد تهيأ للطبع وبلغ عدد أجزائه عشرين جزءا تقريبا.