وأجيب بأن المعنى هو المبدأ أو الغاية ، أو هو الآلة لا غير ، أو هو الباقي بعد موت الأحياء ، أو هو الأول خلقا ، والآخر رزقا.
الثالث ـ قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (١).
وليس المراد الخروج عن الانتفاع ، لأن منفعة الدلالة على الصانع باقية بعد التفرق.
وأجيب بأن الإمكان هلاك في نفسه ، وكذا الخروج عن الانتفاع الذي خلق الشيء لأجله ، وإن صلح لمنفعة أخرى ، وليس خلق كل جوهر للاستدلال.
الرابع ـ قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٢) (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (٣) والبدء من العدم ، فكذا العود.
وأجيب بأن بدء الخلق قد لا يكون عن عدم ، قال الله تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) (٤).
الخامس ـ قوله تعالى : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٥).
وأجيب بأن الفناء قد يكون بالخروج عن الانتفاع المقصود مثل : فني الزاد والطعام ، وأفناهم الحرب.)
يعني أن القائلين بصحة الفناء ، وبحقية حشر الأجساد اختلفوا في أن ذلك بإيجاد بعد الفناء ، أو بالجمع بعد تفرق الأجزاء ، والحق التوقف ، وهو اختيار إمام الحرمين ، حيث قال : يجوز عقلا أن تعدم الجواهر ، ثم تعاد ، وأن تبقى وتزول أعراضها المعهودة ثم تعاد بنيتها ، ولم يدل قاطع سمعي على تعيين أحدهما. فلا يبعد أن يغير أجسام العباد على صفة أجسام التراب ، ثم يعاد تركيبها إلى ما عهد ، ولا نحيل أن يعدم منها شيء ، ثم يعاد ، والله أعلم. احتج الأولون بوجوه :
__________________
(١) سورة القصص آية رقم ٨٨.
(٢) سورة الروم آية رقم ٢٧.
(٣) سورة الأنبياء آية رقم ١٠٤.
(٤) سورة السجدة آية رقم ٧.
(٥) سورة الرحمن آية رقم ٢٦.