فتكون الآية حجة على المتمسك لا له.
قلنا : المراد بالأولى بالنسبة إلى ما يتوهم في الجنة ، ويقصد نفيها.
فإن قيل : يجوز أن لا يراد الواحد بالعدد ، بل الجنس المتحقق المقابل بهذا المتوهم على ما يتناول موتة الدنيا ، وموتة القبر.
قلنا : يأباه بناء المرة ، وتاء الوحدة. وكذا قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (١) (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (٢)
ولو كان في القبر إحياء ، لكانت الإحياءات ثلاثة : في الدنيا ، وفي القبر ، وفي الحشر ، وقوله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٣)
ولو كان في القبر إحياء لصح إسماع.
والجواب ـ أن إثبات الواحد أو الاثنين لا ينفي وجود الثاني أو الثالث ، على أن التعليق بأحد المحالين كاف في المبالغة وإثبات الإماتة والإحياء ، فقوله تعالى : (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (٤)
يمكن حمله على جميع ما يقع بعد حياة الدنيا من الإماتة والإحياء في الدنيا وفي القبر والحشر ، إذ لا دلالة للفعل على المرة ، لكن ربما يقال : إن في لفظ (ثُمَ) الثانية بعض نبوة عن ذلك ، ثم الظاهر أن المراد الإماتة في الدنيا والإحياء في الآخرة ، ولم يتعرض لما في القبر لخفاء أمره وضعف أثره على ما سيجيء فلا يصلح ذكره في معرض الدلالة على ثبوت الألوهية ، ووجوب الإيمان والتعجب والتعجيب من الكفر ، وأما في قولهم : (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (٥)
فالإماتتان في الدنيا وفي القبر ، وكذا الإحياءان ، وترك ما في الآخرة لأنه
__________________
(١) سورة البقرة آية رقم ٢٨.
(٢) سورة غافر آية رقم ١١.
(٣) سورة فاطر آية رقم ٢٢.
(٤) سورة البقرة آية رقم ٢٨.
(٥) سورة غافر آية رقم ١١.