ثم كفر ، أو على المعصية ثم آمن ، ولو كان الموت على الطاعة أو المعصية شرطا في الاستحقاق لم يتحقق أصلا لعدم اجتماع العلة والشرط. احتج المخالف بوجوه :
الأول ـ إلزام المشاق بلا منفعة تقابلها ـ وهي الثواب ـ ظلم ، وبلا مضرة في تركها ـ وهي العقاب ـ مستلزم لوجوب النوافل لثبوت المنفعة في فعلها. ورد بعد تسليم لزوم الغرض بأنه يجوز أن يكون الشكر على النعم ، أو السرور بالمدح على أداء الواجب ، وأن يكون إيجاب الفعل بناء على أن له وجه وجوب بصفة المشقة ، أو جعل (١) شاقا لغرض آخر.
الثاني ـ عدم وجوبهما يفضي إلى التواني في الطاعات ، والاجتراء على (٢) المعاصي. ورد بأن مجرد جواز الترك مع شمول الوعد والوعيد وكثرة النصوص في الوقوع غير قادح في المقصود.
الثالث ـ لو لم يجبا ، لزم الخلف والكذب في إخبار الصادق. ورد بأن الوقوع لا يستلزم الوجوب والاستحقاق من الله تعالى).
والعقاب عدل من غير وجوب عليه. ولا استحقاق من العبد خلافا للمعتزلة ، إلا أن الخلف في الوعد نقص لا يجوز أن ينسب إلى الله تعالى ، فيثيب المطيع البتة (٣) إنجازا لوعده ، بخلاف الخلف في الوعيد ، فإنه فضل وكرم يجوز إسناده إليه. ، فيجوز ان لا يعاقب العاصي. ووافقنا في ذلك البصريون من المعتزلة وكثير من البغداديين ، ومعنى كون الثواب أو العقاب غير مستحق أنه ليس حقا لازما (٤) يقبح تركه. وأما الاستحقاق بمعنى ترتبهما على الأفعال والتروك ، وملائمة إضافتهما إليهما في مجاري العقول والعادات ، فمما لا نزاع فيه. كيف وقد ورد بذلك الكتاب (٥) والسنة في مواضع لا تحصى ، وأجمع السلف على أن
__________________
(١) في (ب) صار بدلا من (جعل).
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (ارتكاب).
(٣) سقط من (ب) لفظ (البتة).
(٤) في (ب) واجبا بدلا من (لازما).
(٥) في (ب) بزيادة لفظ (الكريم).