خديجة (رضي الله عنها) سألت النبي عليهالسلام عن أطفالها الذين ماتوا في الجاهلية ، فقال : هم في النار.
وقالت المعتزلة ، ومن تبعهم : لا يعذبون بل هم خدم أهل الجنة ، على ما ورد في الحديث ، لأن تعذيب من لا جرم له ظلم ولقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (١) (وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢).
ونحو ذلك.
وقيل : من علم الله تعالى منه الإيمان والطاعة على تقدير البلوغ ففي الجنة ، ومن علم منه الكفر والعصيان ففي النار ، واختلف أهل الإسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة ، فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب بل كلاهما في مشيئة الله تعالى ، لكن على تقدير التعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار ، بل يخرج البتة ، لا بطريق الوجوب على الله تعالى ، بل بمقتضى ما سبق من الوعد. وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة. وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم من غير عفو ولا إخراج من النار ، ويعبر عن هذا بمسألة وعيد الفساق ، وعقوبة العصاة ، وانقطاع عذاب أهل الكبائر ، ونحو ذلك (٣). وليس في مسألة الاستحقاق ووجوب العقاب غنى عن ذلك ، لأن التخليد أمر زائد على التعذيب. ولا في مسألة العفو ، لأنه بطريق الاحتمال دون القطع ، ولأنه شاع في ترك العقاب بالكلية ، وهذا قطع بالخروج بعد الدخول ، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلط نشأ من قولهم : إن له المنزلة بين المنزلتين. أي حالة غير الإيمان ، والكفر. وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلا ، وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل :
__________________
(١) سورة الأنعام آية رقم ١٦٤ وسورة فاطر آية رقم ١٨.
(٢) سورة يس آية رقم ٥٤.
(٣) سقط من (ب) لفظ (ونحو ذلك).