السابع ـ أنه لو كان اسما للطاعات ، فإما للجميع فيلزم انتفاؤه بانتفاء بعض الأعمال ، فلم يكن من صدق وأقر مؤمنا قبل الإتيان بالعبادات. والإجماع على خلافه. وعلى أن من صدق وأقر فأدركه الموت ، مات مؤمنا. قال في التبصرة : قد أجمع المسلمون على تحقق اسم الإيمان وإثبات حكمه بمجرد الاعتقاد. وإما لكل عمل على حدة فتكون كل طاعة إيمانا على حدة. والمنتقل من طاعة إلى طاعة منتقلا من دين إلى دين.
الثامن ـ أن جبرائيل (عليهالسلام) لما سأل النبي (عليهالسلام) عن الإيمان ، لم يجب إلا بالتصديق دون الأعمال ، وقالت المعتزلة : نحن لا ننكر استعمال الإيمان في الشرع في معناه اللغوي ، أعني التصديق لكنا ندعي نقله عن ذلك إلى معنى شرعي هو فعل الطاعات ، وترك المعاصي لأن المفهوم من إطلاق المؤمن في الشرع ليس هو المصدق فقط. ولأن الأحكام المجراة على المؤمنين دون الكفرة ليست منوطة بمجرد المعنى اللغوي. ورد بأنا لا ندعي كونه اسما لكل تصديق بل للتصديق بأمور مخصوصة كما في الحديث المشهور. فإن أريد بالنقل عن المعنى اللغوي مجرد هذا فلا نزاع ، ولا دلالة على ما يزعمون من كونه اسما للطاعات. فاحتجوا بوجوه :
الأول ـ أن فعل الواجبات هو الدين المعتبر لقوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١) أي ذلك المذكور من إقامة الصلاة وغيرها هو الدين المعتبر. والدين المعتبر هو الإسلام لقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٢)
والإسلام هو الإيمان لما سيجيء.
وأجيب أولا بأن ذلك مفرد مذكر ، وجعله إشارة إلى جملة ما سبق تأويل ، ليس أولى وأقرب من جعله إشارة إلى الإخلاص أو التدين والانقياد ، ولما سبق من الأوامر ،
__________________
(١) سورة البينة آية رقم ٥ وصدر الآية (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
(٢) سورة آل عمران آية رقم ١٩.