بل ربما يكون هذا أولى لبقاء اللفظ على معناه اللغوي أو قريبا منه. ألا ترى أن قوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً ..) إلى قوله (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (١).
معناه أن التدين بكون الشهور اثنا عشر ، أربعة منها حرم ، والانقياد لذلك هو الدين المستقيم ، على أن هاهنا شيئا آخر ، وهو أن الدين في تلك الآية مضاف إلى القيمة ، لا موصوف كما في هذه الآية. والمعنى دين الملة القيمة ، فلا يكون معناه الملة والطريقة ، بل الطاعة كما في قوله تعالى : (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (٢)
وحينئذ سقط الاستدلال بالكلية.
وثانيا ـ بأن معنى الآية الثانية أن الدين المعتبر هو دين الإسلام للقطع بأن الدين وهو الملة والطريقة التي تعتبر غالبا إضافتها إلى الرسول لا تكون نفس الإسلام الذي هو صفة المكلف.
وثالثا ـ بما سيجيء من الكلام على دليل اتحاد الإيمان والإسلام.
الثاني ـ قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ..)
إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) (٣)
وقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ..) (٤) الآية.
وأجيب بأن المراد كمال الإيمان جمعا بين الأدلة.
الثالث ـ قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٥)
أي صلاتكم إلى بيت المقدس.
__________________
(١) سورة التوبة آية رقم ٣٦ وتكملة الآية (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
(٢) سورة الأنفال آية رقم ٢.
(٣) سورة الأنفال آية رقم ٤. وتكملة الآية (لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
(٤) سورة الحجرات آية رقم ١٥.
(٥) سورة البقرة آية رقم ١٤٣.