إنما يستحق الذم والعذاب الأليم فلا يستحق اسم المؤمن على الإطلاق.
وأجيب بأنه يستحق المدح من جهة التصديق الذي هو رأس الطاعات ، والذم من حيث الإخلال بالأعمال ، ولا منافاة. وما يقع في معرض المدح على الإطلاق يحمل كل كمال الإيمان ، على ما هو مذهب السلف.
قال : خاتمة ـ
(صاحب الكبيرة عندنا مؤمن ، وعند المعتزلة لا مؤمن ، ولا كافر ، وعند الخوارج كافر وعند الحسن البصري منافق ، ومن شبه المعتزلة أن هذا أخذ بالمتفق عليه وهو الفسق ، وترك للمختلف فيه ، وهو الإيمان والكفر. وفساده ظاهر.
ومنها أن له بعض أحكام المؤمن كعصمة الدم والمال ، وبعض أحكام الكافر كالذم وسلب أهلية الإمامة والقضاء والشهادة ، فله منزلة بين المنزلتين ، واسم بين الاسمين.
قلنا : ذاك ليس أحكام الكفر خاصة ، وما قيل : إنه ليس بمؤمن ، بمعنى استحقاق غاية المدح والتعظيم ، رجوع عن المذهب ، وللخوارج النصوص الناطقة بكفر العصاة ، وبانحصار العذاب على الكفار ، مع أن الفاسق معذب ، وبأن الفاسق مكذب بالقيامة ، وبآيات الله ، وبأن مقابل المنفي كافر ، مثل قوله تعالى :
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١) (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٢)
ومثل : (أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٣) (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٤)
ومثل : (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ ..) إلى قوله : (كُنْتُمْ بِهِ
__________________
(١) سورة المائدة آية رقم ٤٤.
(٢) سورة آل عمران آية رقم ٩٧.
(٣) سورة طه آية رقم ٤٨.
(٤) سورة الليل آية رقم ١٥ ، ١٦.