يكون بعضة قاصرا عن مرتبة الإعجاز ، لا يقال : تقدير الطعن فاسد عن أصله ، لأنه استدلال بثبوت اللازم على ثبوت الملزوم ، لأنا نقول : لا ، بل هو مبني على أن كلمة «لو» في اللغة تفيد انتفاء الجزاء لانتفاء الشرط ، يعني عدم وجدان الاختلاف فيه بسبب أنه ليس من عند غير الله. وأما إذا حملت كلمة «لو» في الآية على ما هو قانون الاستدلال كما في قوله تعالى :
(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (١).
فهو استدلال بنفي اللازم على نفي الملزوم ، أي لكن لم يوجد فيه الاختلاف ، فلم يكن من عند غير الله ، وتمام تحقيق هذا المقام يطلب من شرحنا لتلخيص المفتاح ، ومنها أن فيه التناقض كقوله تعالى :
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) (٢) مع قوله : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣) (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) (٤) مع قوله : (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) (٥).
إلى غير ذلك من مواضع فيها تنافي الكلامين.
ورد بمنع وجود شرائط التناقض. وقد بين ذلك على التفصيل في كتب التفسير. ومنها أن فيه الكذب المحض كقوله تعالى :
(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٦) للقطع بأن الأمر بالسجود لم يكن بعد خلقنا وتصويرنا.
ورد بأن المراد خلق أبينا آدم وتصويره.
ومنها أن فيه الشعر من كل بحر ، وقد قال : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) (٧) فمن الطويل: (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (٨) ومن المديد : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ
__________________
(١) سورة الأنبياء آية رقم ٢٢.
(٢) سورة الرحمن آية رقم ٣٩.
(٣) سورة الحجر آية رقم ٩٢ ، ٩٣.
(٤) سورة الغاشية آية رقم ٦.
(٥) سورة الحاقة آية رقم ٦٩.
(٦) سورة الأعراف آية رقم ١١.
(٧) سورة يس آية رقم ٦٩.
(٨) سورة الكهف آية رقم ٢٩.