وكبلوغه النهاية في العلوم والمعارف الإلهية ، وتمهيد المصالح الدينية والدنيوية ، وككونه مجاب الدعوة على ما دعى لابن عباس (رضي الله تعالى عنه) بقوله : «اللهم فقّهه في الدين» (١) فصار إمام المفسرين ، ودعا على عتبة بن أبي لهب بقوله : «اللهم سلط عليه كلبا من كلابك» فافترسه الاسد. وعلى مضر بقوله : «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعل عليهم سنين كسني يوسف» (٢) فمنع الله القطر عنهم سنين. وعلى من لحقه من الكفار حين خرج من الغار بقوله : «يا أرض خذيه» فساخت قوائم فرسه.
والثالث : كخرور الأوثان سجدا ليلة ولادته ، وسقوط شرف قصور الأكاسرة ، وإظلال السحاب عليه ، وكانشقاق القمر ، وانقلاع الشجر ، وتسليم الحجر ، ونبوغ الماء من بين أصابعه إلى أن رويت الجنود ودوابهم ، وشبع الخلق الكثير من طعامه اليسير ، وحنين الجذع في مسجد المدينة حين انتقل منه إلى المنبر ، وشكاية النوق عن أصحابها ، وشهادة الشاة المشوية يوم خيبر بأنها مسمومة ، ودرور الضرع من الشاة اليابسة الجرباء لأم معبد حين مسح يده عليها ، وخطاب الذئب وهب بن أوس بقوله : أتعجب من أخذى شاة ، وهذا محمد يدعو إلى الحق فلا تجيبونه ، وتسبيح الحصى ، وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى.
__________________
(١) الحديث عن الإمام مسلم في كتاب فضائل الصحابة ، ٣٠ باب فضائل عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ١٣٨ (٢٤٧٧) ـ حدثنا زهير بن حرب ، وأبو بكر بن النضر قالا حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا ورقاء بن عمر اليشكري قال : سمعت عبيد الله بن أبي يزيد يحدث عن ابن عباس أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أتى الخلاء فوضعت له وضوءا فلما خرج قال : «من وضع هذا» في رواية زهير قالوا وفي رواية أبي بكر قلت : ابن عباس قال : وذكره ، ورواه البخاري في الوضوء ١٠ ، وأحمد بن حنبل في المسند ١ : ٢٦٦ ، ٣١٤ ، ٣٢٨
(٢) الحديث رواه الإمام البخاري في كتاب الأذان ١٢٨ والاستسقاء رقم ٢ وفي كتاب الجهاد ٩٨ وكتاب الأنبياء ١٩ وفي تفسير سوره ٣ : ٩ ، ٤ ، ٢١ ورواه الإمام مسلم في كتاب المساجد ٥٤ باب استحباب جميع القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازله ٢٩٤ (٦٧٥) حدثني أبو الطاهر وحرملة ابن يحيى قالا : أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : أخبرني سعيد ابن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنهما سمعا أبا هريرة يقول كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ، ويرفع رأسه «سمع الله لمن حمده. ربنا لك الحمد» ثم يقول : وهو قائم «اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف.