والجواب : أن ذلك كان على سبيل السهو والنسيان ، وعقر الجياد ، وضرب أعناقها كان لإظهار الندم ، وقصد التقرب إلى الله تعالى ، والتصدق على الفقراء من أحب ماله. على أن المفسرين من قال : المراد حبه للجهاد ، وإعلاء كلمة الله. وضمير «توارت» للجياد ، لا للشمس ، وإنما طفق مسحا بالسوق والأعناق تشريفا لها ، أو امتحانا ، أو إظهارا لإصلاح آلة الجهاد بنفسه.
وثانيها ـ ما أشير إليه بقوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ ..) (١) الآية.
فإن كان ذلك ما روي أنه ولد له ابن ، فكان يغذوه في السحابة خوفا من أن تقتله الشياطين أو تخبله ، مما دعاه ، إلى أن ألقي على كرسيه ميتا ، فتنبه لخطئه في ترك التوكل ، فاستغفر وأناب. فهذا مما لا بأس به ، وغايته ترك الأولى ، وليس في التحفظ ، ومباشرة الأسباب ترك الامتثال لأمر التوكل على ما قال (عليهالسلام) : «اعقلها وتوكل» (٢).
وكذا ما روي أنه قال : «لأطوفن الليلة على سبعين امرأة ، كل واحدة تأتي بفارس مجاهد في سبيل الله» ولم يقل : «إن شاء الله». فلم تحمل إلا امرأة واحدة ، جاءت بشق ولد له عين واحدة ، ويد واحدة ، ورجل واحدة. فألقته القابلة على كرسيه.
وأما ما روي عن حديث الخاتم والشيطان ، وعبادة الوثن في بيته ، وجلوس الشيطان على كرسيه ، فعلى تقدير صحته يجوز أن يكون اتخاذ التماثيل غير محرم في شريعته وعبادة التماثيل في بيته غير معلوم له.
وثالثها ـ ما يشعر به قوله تعالى : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)(٣).
__________________
(١) سورة ص آية رقم ٣٤.
(٢) الحديث أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة ٦٠ باب ٢٥١٧ حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ابن سعيد القطان حدثنا المغيرة بن أبي قرة السدوسي قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رجل يا رسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل قال : أعقلها وتوكل. قال عمرو بن علي ، قال : يحيى ، وهذا عندي حديث منكر. وقال الترمذي : وهذا حديث غريب من حديث أنس لا نعرفه إلا من هذه الوجه.
(٣) سورة ص آية رقم ٣٥.