من الحسد ، وعدم إرادة الخير للغير.
والجواب : أن ذلك لم يكن حسدا ، بل طلبا للمعجزة على وفق ما غلب في زمانه ، ولاق بحاله. فإنهم كانوا يفتخرون في ذلك العهد بالملك والجاه ، وهو كان ناشئا في بيت الملك والنبوة ، ووارثا لهما ، أو إظهارا لإمكان طاعة الله وعبادته مع هذا الملك العظيم. وقيل: أراد ملكا لا يورث مني ، وهو ملك الدين ، لا الدنيا ، أو ملكا لا أسلبه ، ولا يقوم فيه غيري مقامي ، كما وقع ذلك مرة. وقيل : ملكا خفيا لا ينبغي للناس ، وهي القناعة. وقيل : كان ملكه عظيما ، فخاف أن لا يقوم غيره بشكره ولا يحافظ فيه على حدود الله.
وأما في قصة يونس مما يشعر به قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) (١)
فالجواب أن المغاضبة على الكفار المعاندين ، لا على الله تعالى. ومعنى: «لن نقدر» ، لن نضيق عليه. كما في قوله تعالى : (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) (٢)
فلا يوجب شكا في القدرة. ومعنى الظلم في قوله : (إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣) ترك الأفضل وهو الصبر. وهذا معنى قوله تعالى : (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) (٤)
أي في ترك الصبر على معاندة الكفار.
وأما في حق نبينا فمثل : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) (٥) و(لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِ) (٦) و(لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) (٧).
محمول على ما فرط منه من الزلة وترك الأفضل ، وقوله : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى)(٨).
معناه فقدان الشرائع والأحكام ، وقيل : إنه ضل في صباه في بعض شعاب
__________________
(١) سورة الأنبياء آية رقم ٨٧.
(٢) سورة الفجر آية رقم ١٦.
(٣) سورة الأنبياء آية رقم ٨٧.
(٤) سورة القلم آية رقم ٤٨.
(٥) سورة غافر آية رقم ٥٥.
(٦) سورة التوبة آية رقم ١١٧.
(٧) سورة الفتح آية رقم ٢.
(٨) سورة الضحى آية رقم ٧.