زيارة وتحية ، بدليل استكبار إبليس وتعليله بأنه خير منه لكونه من نار ، وآدم من طين.
الثاني ـ أمر آدم بتعليمهم الأسماء قصدا إلى إظهار فضله.
الثالث ـ أن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، الذين من جملتهم الملائكة.
الرابع ـ ان المواظبة على الطاعات مع الشواغل واكتساب الكمال مع العوائق أدخل في استحقاق الثواب.
جمهور المسلمين على أن الملائكة أجسام لطيفة تظهر في صور مختلفة ، وتقوى على أفعال شاقة ، هم عباد مكرمون يواظبون على الطاعة والعبادة ، ولا يوصفون بالذكورة والأنوثة ، واستقر الخلاف بين المسلمين في عصمتهم ، وفي فضلهم على الأنبياء ، ولا قاطع في أحد الجانبين ، فلنذكر تمسكات الفريقين في المقامين :
المقام الأول ـ أعني العصمة ، فتمسك المثبتون بمثل قوله تعالى : (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (١) وقوله تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) .. إلى قوله : (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢) وقوله تعالى : (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ. يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) (٣)
ولا خفاء في أن أمثال هذه العمومات تفيد الظن وإن لم تفد اليقين ، وما يقال أنه لا عبرة بالظنيات في باب الاعتقادات. فإن أريد أنه لا يحصل منه الاعتقاد الجازم ولا يصح الحكم القطعي ، فلا نزاع فيه. وإن أريد أنه لا يحصل الظن بذلك الحكم فظاهر البطلان. تمسك النافون بوجوه :
الأول ـ أن إبليس مع كونه من الملائكة بدليل تناول أمر الملائكة بالسجود في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٤) إياه. ولذا عوتب بقوله تعالى :
__________________
(١) سورة النحل آية رقم ٤٩ ، ٥٠.
(٢) سورة الأنبياء آية رقم ٢٦ : ٢٨.
(٣) سورة الأنبياء آية رقم ١٩ ، ٢٠.
(٤) سورة البقرة آية رقم ٣٤.