والجواب أن جميع ذلك إنما يدل على فضيلتهم ، لا أفضليتهم ، سيما على الأنبياء ، ومنها قوله تعالى :
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) (١)
فإن مثل هذا الكلام إنما يحسن إذا كان الملك أفضل. والجواب أنه إنما قال ذلك حين استعجله قريش العذاب الذي أوعدوا به بقوله تعالى :
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) (٢).
والمعنى أني لست بملك حتى يكون لي القوة والقدرة على إنزال العذاب بإذن الله كما كان لجبرئيل (عليهالسلام) ، أو يكون لي العلم بذلك بإخبار من الله بلا واسطة.
ومنها قوله تعالى : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) (٣).
أي إلّا كراهة أن تكونا ملكين. يعني أن الملكية بالمرتبة العليا ، وفي الأكل من الشجرة ارتقاء إليها.
والجواب أن ذلك تمويه من الشيطان وتخييل أن ما يشاهد في الملك من حسن الصورة ، وعظم الخلق ، وكمال القوة يحصل بأكل الشجرة. ولو سلم فغاية التفضيل على آدم (عليهالسلام) قبل النبوة.
ومنها قوله تعالى : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) (٤).
يعني جبرئيل (عليهالسلام) والمعلم أفضل من المتعلم.
والجواب ان ذلك بطريق التبليغ ، وإنما التعليم من الله تعالى.
ومنها قوله تعالى : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) (٥).
__________________
(١) سورة الأنعام آية رقم ٥٠.
(٢) سورة الأنعام آية رقم ٤٩.
(٣) سورة الأعراف آية رقم ٢٠.
(٤) سورة النجم آية رقم ٥.
(٥) سورة النساء آية رقم ١٧٢.