التسلسل. لأنه لا مغايرة بين المبتدأ والمعاد بالماهية ، ولا بالوجود ، ولا بشيء من العوارض ، وإلا لم يكن إعادة له بعينه ، بل بالقبلية والبعدية ، بأن هذا في زمان سابق ، وذلك في زمان لاحق ، فيكون للزمان زمان يمكن إعادته بعد العدم ويتسلسل.
الثالث ـ لو جاز أن يعاد المعدوم بعينه ، لجاز أن يوجد ابتداء ما يماثله في الماهية ، وجميع العوارض المشخصة لأن حكم الأمثال واحد ، ولأن التقدير أن وجود فرد بهذه الصفات من جملة الممكنات (١). واللازم باطل لعدم التميز بينه وبين المعاد ، لأن التقدير اشتراكهما في الماهية وجميع العوارض. ورد بأن عدم التميز في نفس الأمر غير لازم كيف ولو لم يتميزا لم يكونا شيئين ، وعند العقل غير مسلم الاستحالة ، إذ ربما يلتبس ، وعلى العقل ما هو متميز (٢) في نفس الأمر. وقد يجاب بأنه لو صح هذا الدليل لجاز وقوع شخصين متماثلين ابتداء بعين ما ذكرتم ، ويلزم عدم التميز ، وحاصله أنه لا تعلق لهذا بإعادة المعدوم.
الرابع ـ أن المعدوم تمتنع الإشارة إليه إذ لم يبق له ثبوت اصلا ، فيمتنع الحكم عليه بصحة العود ، لأن الحكم بثبوت شيء لشيء يقتضي تميزه وثبوته في الجملة.
والجواب ـ عند المعتزلة القائلين بثبوت المعدوم وبقاء ذاته ظاهر. وعندنا أن التميز والثبوت عند العقل كاف في صحة الحكم ، والاحتياج إلى الثبوت العيني إنما هو عند ثبوت الصفة له في الخارج. وما يقال : إن القضية تكون حينئذ ذهنية ، لا حقيقية ، ولا خارجية ، فلا يفيد إلا صحة العود في الذهن ، ليس بشيء لأنا نأخذ للقضية مفهوما عاما (٣) هو أن ما يصدق عليه الوصف العنواني في الجملة يصدق عليه المحمول. فالمعنى هاهنا أن ما يصدق عليه أنه معدوم في الخارج يصدق عليه أنه يوجد في الخارج. ولو سلم فالذهنية معناها أن الموضوع المأخوذ في الذهن محكوم عليه بالمحمول. فالمعنى هاهنا أن المعنى الذهني المعدوم في الخارج
__________________
(١) في (ب) بزيادة (الواجبة).
(٢) في (ب) بزيادة (عن غيره).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (آخر).