الضرورة ، وهو مخالف (١) لكلام القوم ، وللتحقيق فإن ضرورية مقدمة الدليل لا توجب ضرورية المدعي.
الثاني ـ لو جاز إعادة المعدوم بعينه ، أي بجميع مشخصاته ، لجاز إعادة وقته الأول، لأنه من جملتها ضرورة أن الموجود بقيد (٢) كونه في هذا الوقت غير الموجود بقيد (٣) كونه في وقت آخر ، ولأن الوقت أيضا معدوم يجوز إعادته لعدم التمايز ، أو بطريق الإلزام على من يقول بجواز إعادة الشكل ، لكن اللازم باطل لإفضائه إلى كون الشيء مبتدأ من حيث أنه معاد ، إذ لا معنى للمبتدإ إلا الموجود في وقته الأول. وفي هذا جمع بين المتقابلين ، حيث صدق على شيء واحد ، في زمان واحد ، من جهة واحدة أنه مبتدأ أو معاد ، لما أشرنا إليه من لزوم كونه مبتدأ من جهة كونه معادا ، ومنع لكونه معادا لأنه الموجود في الوقت الثاني ، وهذا قد وجد في الوقت الأول ، ورفع للتفرقة والامتياز بين المبتدأ والمعاد ، حيث لم يكن معادا إلا من حيث كونه مبتدأ. والامتياز بينهما بحسب العقل ضروري. وقد يجعل هذا الوجه ثلاثة أوجه بحسب ما يلزم من الفسادات.
والجواب ـ أنا لا نسلم كون الوقت من المشخصات. فإنا قاطعون بأن هذا الكتاب هو بعينه الذي كان بالأمس ، حتى إن من زعم (٤) خلاف ذلك نسب إلى السفسطة (٥). وتغاير الاعتبارات والإضافات لا ينافي الوحدة الشخصية بحسب الخارج. ولو سلم فلا نسلم أن ما يوجد في الوقت الأول يكون مبتدأ البتة ، وإنما يلزم لو لم يكن الوقت أيضا معادا أو لم يكن هو مسبوقا بحدوث آخر ، وهذا ما يقال أن المبتدأ هو الواقع أولا ، لا الواقع في الزمان الأول ، والمعاد هو الواقع ثانيا ، لا الواقع في الزمان الثاني. وبهذا يمكن ان يدفع ما يقال : لو أعيد الزمان بعينه لزم
__________________
(١) هو عضد الدين الإيجي ، وقد سبق الترجمة له في كلمة وافية في الجزء الأول.
(٢) في (ب) يفيد بدلا من (بقيد) وهو تحريف.
(٣) في (ب) يفيد بدلا من (بقيد) وهو كسابقه لا يعتدّ به لأنه تحريف.
(٤) في (ب) تصور بدلا من زعم.
(٥) السفسطائيون الذين عاشوا في دولة اليونان وكانت لهم أفكار عجيبة. سبق الحديث عنهم في كلمة وافية.