(الأول ـ انه مبني على إعادة المعدوم للقطع بفناء المزاج والحياة والتأليف والهيئات ، وقد ثبت استحالتها ، ورد بمنع المقدمتين.
الثاني ـ لو أكل إنسان إنسانا فالأجزاء المأكولة إما أن تعاد في بدن الآكل ، فلا يكون المأكول بعينه معادا أو بالعكس ، على أن لا أولوية ، ولا سبيل إلى جعلها جزءا من كل منهما ، وأنه يلزم في أكل الكافر المؤمن تنعيم الأجزاء العاصية ، وتعذيب المطيعة ، ورد بأن المعاد هي الأجزاء الأصلية ، فلا محذور ، ولعل الله يحفظها من أن تصير جزءا أصليا لبدن آخر. بل عند المعتزلة يجب ذلك ليصل الجزاء إلى مستحقه.
فإن قيل : مثل من يحيي العظام وهي رميم ، أءذا متنا وكنا ترابا يشعر بأن المتنازع إعادة الأجزاء بأسرها. قلنا : لأنه ورد إزالة لاستبعادهم إحياء الرميم والتراب ، والوارد لإثبات نفس الإعادة أيضا كثير مثل :
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (١)
(فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٢).
الثالث ـ أن الإعادة لا لغرض عبث ، ولغرض عائد إلى الله تعالى نقص ، وإلى العبد إما إيصال ألم ، وهو سفه ، أو لذة ، ولا لذة في الوجود ، سيما في عالم الحس إذ هي خلاص عن ألم ، والإيلام ليعقبه الخلاص غير لائق بالحكمة. بمنع لزوم الغرض ، ومنع انحصاره فيما ذكر ، إذ ربما يكون إيصال الجزاء إلى المستحق غرضا ، ومنع كون اللذة الأخروية دفع الألم).
إن المعاد الجسماني موقوف على إعادة المعدوم ، وقد بان استحالتها وجه التوقف إما على تقدير كونها إيجادا بعد الفناء فظاهر. وأما على تقدير كونها جمعا وإحياء بعد التفرق والموت فللقطع بفناء التأليف والمزاج والحياة ، وكثير من الأغراض والهيئات.
__________________
(١) سورة الروم آية رقم ٢٧.
(٢) سورة الإسراء آية رقم ٥١.