ذلك (١) ، ثم منع كون اللذات الأخروية من جنس الدنيوية بحسب الحقيقة ليلزم كونها دفعا للألم وخلاصا عنه.
قال : تنبيه
((تنبيه) بعد إثبات تجرد النفس وبقائها بعد خراب البدن لا يفتقر إثبات المعاد الروحاني إلى زيادة بيان ، لأنه عبارة إما عن عودها إلى ما كانت عليه من التجرد المحض (٢) ، أو التبرؤ من ظلمات التعلق ملتذة او متألمة ، بما اكتسبت (٣) وإما عن تعلقها بالبدن المحشور الذي ليس بمعقول ولا منقول ، إما أن تتعلق به نفس أخرى ، وتبقى نفسها معطلة أو متعلقة ببدن آخر).
القائلون بالمعاد الروحاني فقط ، أو به ، وبالجسماني جميعا هم الذين يقولون بأن النفوس الناطقة مجردة باقية لا تفنى بخراب البدن لما سيق من الدلائل ، ويشهد بذلك نصوص من الكتاب والسنة ، فلا حاجة للأولين إلى زيادة بيان في إثبات المعاد ، لأنه عبارة عن عود النفس إلى ما كانت عليه من التجرد أو التبرؤ من ظلمات التعلق وبقائها ملتذة بالكمال ، أو متألمة بالنقصان ، ولا للآخرين بعد إثبات حشر الأجساد ، لأن القول بإحياء البدن مع تعلق نفس أخرى به تدبر أمره وبقاء نفسه معطلة ، أو متعلقة ببدن آخر غير مقبول عند العقل ، ولا منقول من أحد. كيف ونفسها مناسبة لذلك المزاج ، آلفة به ، لم تفارقه إلا لانتفاء قابليته لتصرفاتها. فحين عادت القابلية ، عاد التعلق لا محالة. وقد يقال إن قوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (٤) (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (٥) (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) (٦)
إشارة إلى المعاد الروحاني ، وكذا الأحاديث الواردة في حال أرواح المؤمنين ،
__________________
(١) في (ب) بزيادة (في هذا الكتاب).
(٢) سقط من (ب) لفظ (المحض).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (النفس).
(٤) سورة السجدة آية رقم ١٧.
(٥) سورة يونس آية رقم ٢٦.
(٦) سورة التوبة آية رقم ٧٢.