تشعر بأن الأصلية ، وغير الأصلية ، ومتنازع المحق والمبطل ، ومتوارد الإثبات والنفي هي إعادة الأجزاء بأسرها إلى الحياة ، لا الأصلية وحدها ، ولا إعادة المعدوم بعينه.
قلنا : ومن الآيات ما هو مسوق لنفس الإعادة مثل :
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (١)
(فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٢)
وكأن المنكرين استبعدوا إحياء ما كانوا يشاهدون من الرميم والتراب ، فأزيل استبعادهم بتذكير ابتداء الفطرة والتنبيه على كمال العلم والقدرة.
وأما حديث إعادة المعدوم ، والأجزاء الأصلية فلعله لم يخطر ببالهم.
الثالث ـ أن الإعادة لا لغرض عبث لا يليق بالحكيم ، ولغرض عائد إلى الله تعالى نقص يجب تنزيهه عنه ، ولغرض عائد إلى العباد أيضا باطل ، لأنه إما إيصال ألم ، وهو لا يليق بالحكيم ، وإما إيصال لذة ، ولا لذة في الوجود ، سيما في عالم الحس. فكل ما يتخيل لذة فإنما هو خلاص عن الألم ، ولا ألم في العدم أو الموت ، ليكون الخلاص عنه لذة مقصودة بالإعادة ، بل إنما يتصور ذلك بأن يوصل إليه ألما ثم يخلصه عنه ، فتكون الاعادة لإيصال ألم يعقبه خلاص (٣) وهو غير لائق بالحكمة (٤).
والجواب ـ منع لزوم الغرض ، وقبح الخلو عنه في فعل الله تعالى. ثم منع انحصار الغرض في إيصال اللذة والألم (٥) ، إذ يجوز أن يكون نفس إيصال الجزاء إلى من يستحقه غرضا ، ثم منع كون اللذة دفعا للألم ، وخلاصا عنه. كيف واللذة والألم من الوجدانيات التي لا يشك العاقل في تحققها ، وقد سبق تحقيق
__________________
(١) سورة الروم آية رقم ٢٧.
(٢) سورة الإسراء آية رقم ٥١.
(٣) في (ب) بزيادة (خلاص العبد).
(٤) في (ب) الحكيم بدلا من (الحكمة).
(٥) في (ب) بزيادة لفظ (فقط).