نابغة تقدم على الفور بإزالتها قبل أن تستحكم غائلتها ، وتستطير فى الأرض نائرتها (١) ، هذا وما يجرى مجراه هو الّذي يراد لأجله الإمام ، وذلك يحتاج إلى عدالة وعلم ونجدة وكفاية وصرامة وشرائط أخر سنذكرها فى الباب التاسع.
فأما العصمة فيستغنى عنها كما فى حق القضاة والولاة ، فإن منعوا وادعوا العصمة للقضاة والولاة وكل مترشح لأمر من الأمور من جهة الإمام ـ وهذا ما اعتقده الإمامية حتى أورد عليهم الحارس والمتعسس (٢) والبواب ويرتبط بكل واحد منهم أمر ـ فأجابوا بأن هذه الأمور إن كانت أمورا دينية شرطت العصمة فى المتكلفين بها ، والمنتصب لها بنصب الإمام لا يكون إلا معصوما ، ونعوذ بالله من اعتقاد مذهب يضطر ناصره والذاب عنه إلى أن يجاحد (٣) ما يشاهده ويدركه على البديهة والضرورة ، فالظلم على طبقات الناس مشاهد من أحوال المنتصبين من جهة إمامهم. ولا ينفك أورع متدين منهم عن استحلال الأموال المغصوبة باسم الخراج والضريبة من أموال المسلمين مع العلم بتحريمه. ومهما انتهى كلام الخصم إلى مجاحدة الضرورة فلا وجه إلا الكفّ عنه ، والاقتصار على تعزيته فيما أصيب به من عقله.
__________________
(١) ثائرتها : ونائرتها بمعنى واحد.
(٢) المتعسس ؛ من : عس ، وهو : نفض الليل عن أهل الريبة ، فهو : عاس. وعسعس الليل : أقبل ظلامه.
(٣) يجاحد : يجحد وينكر.