الخامس : إذا ترك الحالف النيّة والاستثناء وترك المحلف لفظ العهد والميثاق ولفظ ولىّ الله وأتى بأيمان صريحة بالله وبتعليق الطلاق والعتاق فى مماليكه الموجودين وزوجاته وفيما سيملك من بعد إلى آخر عمره وعلق بالحنث لزوم مائة حجة وصيام مائة سنة وصلاة ألف ألف ركعة والتصدق بألف دينار وما جرى هذا المجرى فطريقه فى اليمين بالله أن يطعم عشرة مساكين أو يصوم عند العجز كما سبق. وهذا أيضا يخلصه عن تعليق الصدقة والحج والصيام والصلاة بالحنث لأن ذلك يمين غضب ولجاج لا يلزم الوفاء بموجبه. وأما تعليق الطلاق والعتق فيما سيملك من النساء والعبيد والإماء ـ فباطل غير منعقد ، فليحنث ولينكح من شاء متى شاء إذ لا طلاق قبل نكاح ، ولا عتاق قبل ملك. وإن كان فى ملكه رقيق وخاف من عتقه فطريقه أن يبيعه من أهله أو من ولده أو من صديقه ، ثم يفشى السر ثم يستعيده إلى ملكه بالشراء أو الاستيهاب أو بما شاء ، ولا يعجز أحد عن صديق يثق بصداقته وأمانته فيبيعه منه ثم يرده عليه مهما أراد. وأما زوجته إن حلف بطلاقها فيخالعها بدرهم معها ، أو مع أجنبى ، ويفشى السرّ ، ثم يجدد نكاحها فيأمن لحوق الطلاق بعده.
فإن قيل : إن كان قد طلق قبل ذلك تطليقتين ولم تبق له إلا طلقه واحدة ، وفى الخلع ما يحرمها عليه إلى أن تنكح زوجا غيره ـ فما سبيله؟ ـ قلنا : سبيله أن يقول : مهما وقع عليك طلاقى فأنت طالق قبله ثلاثا ، فمهما حنث لا يقع طلاقه ، وهذه هى اليمين الدائرة التى تخلص من الحنث وتمنع وقوع الطلاق ، فإن قيل : فقد اختلف العلماء فى ذلك وربما لا يرتضى المتورع اقتحام شبهة الطلاق! قلنا : السائل إن كان مقلدا فعليه تقليد المفتى ومتابعته ، وعهدة الطلاق يختص بتطوقها المفتى دون المقلد ، وإن كان المفتى مجتهدا فعليه موجب اجتهاده ، فإن أدى اجتهاده إلى ذلك لم يمنع وقوع الطلاق ، فهو مخير بين أن يستبدل بها غيرها أو يسكت عن إفشاء سرهم فيترك معتقدهم. وليس فى السكوت عن إفشاء ما قالوا موافقة لهم فى الدين ، بل الموافقة فى أن يعتقد ما اعتقدوه وأن يعرب عن اعتقاده