إذا خرج منه حتى يعود إليه ؛ ورجلان تحابا فى الله فاجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ؛ ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ؛ ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال إلى نفسها فقال : إنى أخاف الله رب العالمين ، ورجل تصدق بصدقة وأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» (١). فهذه سبع لا يتصور اجتماعها إلا فى أمير المؤمنين ، وإنما يقدر غيره من الخلق على آحادها دون مجموعها. فليجتهد فى نيل رتبة لم تدخر إلا له ، ولن يقوم بها سواه.
فقد روى أيضا أبو سعيد الخدرى أنه قال : «إن أحب العباد إلى الله تعالى وأقربهم مجلسا : إمام عادل ؛ وإن أبغض الناس إلى الله وأشدّهم عذابا يوم القيامة إمام جائر» ، وقد روى أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة لا يرد الله لهم دعوة : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، والمظلوم ؛ يقول الله تعالى : وعزتى وجلالى وارتفاعى فوق عرشى لأنتصرن لك ولو بعد حين» ، وقد روى عبد الله بن مسعود أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «عدل ساعة خير من عبادة سنة ، وإنما قامت السموات والأرض بالعدل». وقد روى عن ابن عباس أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «والّذي نفس محمد بيده إن الوالى العدل ليرفع الله له كل يوم مثل عمل رعيته ، وصلواته فى اليوم تعدل تسعين ألف صلاة». وروى ابن عباس أيضا أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «الإسلام والسلطان أخوان توأمان لا يصلح أحدهما إلا بصاحبه : فالإسلام أسّ والسلطان حارس ، فما لا أسّ له منهدم ، وما لا حارس له ضائع» ؛ وقد روى أنس أنه صلىاللهعليهوسلم قال : ما من أحد أفضل منزلة عند الله من إمام إن قال صدق ، وإن حكم عدل ، وإن استرحم رحم!» والقصد من رواية هذه الأخبار التنبيه على عظم قدر الإمامة وأنها إذا ترتبت بالعدل كانت أعلى العبادات. وإنما يعرف العدل من التزم بالشرع ، فليكن دين الله وشرع
__________________
(١) رواه أحمد بن حنبل فى «مسنده» والترمذي وابن ماجه عن أبى هريرة وقال الترمذي : حسن. ويرد برواية أخرى : «ثلاثة لا ترد دعوتهم» الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم يرفعها الله تعالى فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب تبارك وتعالى : وعزتى لأنصرنك ولو بعد حين».