ومنها أن يعرف أن خطر الإمامة عظيم ، كما أن فوائدها فى الدنيا والآخرة عظيمة ؛ وأنّها إن روعيت على وجهها فهى سعادة ، وإن لم تراع على وجهها فهى شقاوة ليس فوقها شقاوة ، فقد روى ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه أقبل وفى البيت رجال من قريش. فأخذ بعضادتى الباب ثم قال : «الأئمة من قريش ما قاموا فيكم بثلاث : ما إن استرحموا رحموا ، وإن حكموا عدلوا ، وإن قالوا أوفوا ، ومن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» الصرف : النافلة ، والعدل الفريضة. وهذا قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما أعظم الخطر فى أمر ينتهى إلى ألا يقبل بسببه فريضة ولا نافلة. وقد روى أيضا أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من حكم بين اثنين فجار وظلم فلعنة الله على الظالمين». وقد روى أبو هريرة أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : الإمام الكذاب ، والشيخ الزانى ، والعائل (١) المزهو». وروى الحسن عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يفتح عليكم مشارق الأرض ومغاربها ، عمالها كلهم فى النار إلا من اتقى الله تعالى وأدى الأمانة» وقد روى عن الحسن أنه قال : عاد عبيد الله بن الحسن معقلا (٢) فى مرضه الّذي قبض فيه ، فقال له معقل : إنى محدثك بحديث سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من عبد يسترعيه الله تعالى رعيته يموت يوم يموت غاشا لرعيته إلا حرم الله تعالى عليه الجنة» وروى عن زياد بن أبيه (٣) عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من ولى من أمر المسلمين شيئا ولم يحطهم بالنصيحة كما يحوط على أهل بيته فليتبوأ مقعده من النار». وقد حكى عن سفيان الثورى أنه عاتب رجلا من إخوانه قد كان هم أن يتلبس بشيء من أمر الولاية فقال : يا أبا عبد الله! إن على عيالا ، فقال له : لأن تجعل فى عنقك مخلاة تسأل على الأبواب خير لك من أن تدخل فى شيء من أمور الناس. وقد روى معقل بن يسار عنه صلىاللهعليهوسلم أنه
__________________
(١) العائل : الفقير ذو العيال.
(٢) معقل بن يسار.
(٣) زياد بن أبيه (زياد بن أبى سفيان).