والفن (١) الثانى ـ فى إبطال تفصيل مذاهبهم من عقائد تلقوها من الثنوية والفلاسفة وحرفوها عن أوضاعها وغيروا ألفاظها قصدا للتغطية والتلبيس ، وهذا أيضا لا أرى التشاغل به ، لأن الكلام عليها وكشف الغطاء عن بطلانها بإيضاح حقيقة الحق وبرهانها ليس يختص بالطائفة الذين هم نابتة الزمان. فتجريد القصد إلى نقل خصائص مذهبهم التى تفردوا باعتقادها عن سائر الفرق هو الواجب المتعين ، فلا ينبغى أن يؤم (٢) المصنف فى كتابه إلا المقصد الّذي يبغيه والنحو الّذي يرومه وينتحيه ، فمن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه (٣) ، وذلك مما لا يعنيه فى هذا المقام ، وإن كان الخوض فيه على الجملة ذبا عن الإسلام ، ولكن لكل مقال مقام. فلنقتصر فى كتابنا على القدر الّذي يعرب عن خصائص مذهبهم ، وينبه على مدارج حيلهم ، ثم نكشف عن بطلان شبههم بما لا يبقى للمستبصر ريب فيه ، فتنجلى عن وجه الحق كدورة التمويه. (٤)
ثم نختم الكتاب بما هو السر واللباب ، وهو إقامة البراهين الشرعية على صحّة الإمامة للمواقف القدسية النبوية المستظهرية ، بموجب الأدلة العقلية والفقهية ، على ما أفصح عن مضمونه ترجمة الأبواب.
__________________
(١) الفن : العلم.
(٢) يؤم : يقصد.
(٣) جزء من حديث نبوي شريف.
(٤) كدورة التمويه ؛ الكدورة : ضد الصفو ، والتمويه : التلبيس ؛ أو الطلاء بالذهب والفضة وتحته نحاس أو حديد.