الروافض (١) ؛ ونتحصن بالانتساب إليهم والاعتزاء إلى أهل البيت عن شرهم ، ونتودد إليهم بما يلائم طبعهم ، من ذكر ما تم على سلفهم من الظلم العظيم والذل الهائل ، ونتباكى لهم على ما حلّ بآل محمد صلىاللهعليهوسلم ونتوصل به إلى تطويل اللسان فى أئمة سلفهم الذين هم أسوتهم وقدوتهم ؛ حتى إذا قبحنا أحوالهم فى أعينهم وما ينقل إليهم شرعهم بنقلهم وروايتهم ، اشتد عليهم باب الرجوع إلى الشرع ، وسهل علينا استدراجهم إلى الانخلاع عن الدين ؛ وإن بقى عندهم معتصم من ظواهر القرآن ومتواتر الأخبار أوهمنا عندهم أن تلك الظواهر لها أسرار وبواطن ؛ وأن أمارة الأحمق الانخداع بظواهرها ، وعلامة الفطنة اعتقاد بواطنها ؛ ثم نبث إليهم عقائدنا ، ونزعم أنها المراد بظواهر القرآن. ثم إذا تكثرنا بهؤلاء سهل علينا استدراج سائر الفرق بعد التحيز إلى هؤلاء والتظاهر بنصرهم.
ثم قالوا : طريقنا أن نختار رجلا ممن يساعدنا على المذهب ، ونزعم أنه من أهل البيت ، وأنه يجب على كافة الخلق مبايعته وتتعين عليهم طاعته ، فإنه خليفة رسول الله ، ومعصوم عن الخطأ والزلل من جهة الله تعالى ، ثم لا نظهر هذه الدعوة على القرب من جوار الخليفة (٢) الّذي وسمناه بالعصمة ، فإن قرب الدار ربما يهتك هذه الأستار ؛ وإذا بعدت الشقة وطالت المسافة فمتى يقدر المستجيب إلى الدعوة أن يفتش عن حاله ، وأن يطلع على حقيقة أمره ، ومقصدهم بذلك كله الملك والاستيلاء والتبسط فى أموال المسلمين وحريمهم ، والانتقام منهم فيما اعتقدوه فيهم وعاجلوهم به من النهب والسفك ، وأفاضوا عليهم من فنون البلاء.
فهذه غاية مقصدهم ، ومبدأ أمرهم. ويتضح لك مصداق ذلك بما سنجليه من خبائث مذهبهم ، وفضائح معتقدهم.
__________________
(١) الروافض : نسبة إلى ما لقيه على ـ كرم الله وجهه ـ من رفض لتأييده ومؤازرته فى مواجهة «معاوية بن أبى سفيان» يوم صفين ؛ من الخوارج وغيرهم.
(٢) والملاحظ أن كل تلك الدعوات إنما ظهرت بعيدا عن مركز الخلافة ، وفى عمق بلاد فارس وخراسان وغيرهما.