فوقها لا محالة. فمهما رأيت شيئا واحدا. فاستدل به على محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وإذا رأيت اثنين فقل هو دلالة على الشيخين : أبى بكر وعمر ؛ وإن كان ثلاثة فمحمد صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر وعمر ؛ وإن كان أربعة فالخلفاء الأربعة ، وإن كان خمسة فعلى محمد مع الخلفاء الأربعة. وقل : أما تعرفون السر أن الثقب على رأس الآدمى خمس. ما هو؟ الواحد وهو الفم يدل على النبي محمد صلىاللهعليهوسلم فإنه واحد ؛ والعينان والمنخران على الخلفاء الأربعة. ونقول : أما تعرفون السر فى اسم محمد وأنه أربعة حروف ما هو؟ فإذا قالوا : لا! فنقول : هو السر الّذي لا يطلع عليه إلا ملك مقرب ، فإنه يبنيه على أن اسم خليفته أربعة حروف وهو : عتيق (١) ، دون عليّ الّذي اسمه ثلاثة أحرف ، فإذا وجبت سبعة فاستدل به على سبعة من خلفاء بنى أمية مبالغة فى إرغامهم وإجلالا لبنى العباس عن المعارضة بهم ؛ وقل : عدد السموات السبع والنجوم والأسبوع دال على معاوية ويزيد ثم مروان ثم عبد الملك ثم الوليد ثم عمر ابن عبد العزيز ثم هشام ثم السابع المنتظر وهو الّذي يقال له السفيانى وهو قول الأموية من الإمامية ؛ أو قابلهم بمذهب الراوندية (٢) وقل إنه يدل على العباس ثم عبد الله ابن العباس ، ثم على بن عبد الله ، ثم محمد بن على ، ثم إبراهيم (٣) ، ثم أبو العباس السفاح ثم المنصور. وكذلك ما تجده من عشرة أو اثنى عشر فعد من خلفاء بنى العباس بعددهم ثم انظر هل تجد بين الكلامين فصلا؟ وبه يتبين فساد كلامهم وافتضاحهم وإلزامهم باستدلالهم. وهذا الجنس من الكلام لا يليق بالمحصل فيه الإكثار منه فلنعدل عنه إلى غيره (٤).
__________________
(١) عتيق : لقب أبى بكر رضى الله عنه وليس اسمه ، وقيل : اسمه ؛ وقيل اسمه : عبد الكعبة ـ أيضا ـ ؛ وهذا قبل الإسلام. ولقد سماه النبي صلىاللهعليهوسلم باسم عبد الله ؛ ولكن غلبت عليه الكنية.
(٢) الراوندية : نسبة إلى أحمد بن يحيى بن إسحاق ، أبو الحسين الراوندى ؛ ونسبته إلى راوند من قرى أصبهان كان مجاهرا بالإلحاد ، وأحد مشاهير الزنادقة. تكلم فيه العسقلانى وابن الجوزى وابن خلكان وأبو العلاء المعرى. صلب ببغداد سنة ٢٩٨ ه.
(٣) إبراهيم بن محمد بن على.
(٤) هذه المجاراة لهم فى اعتدادهم بالأعداد لم يقصد بها الإمام الغزالى الحقيقة ، بل استخفافا منه بهم ، وهزءا لهم.