العقل أو نظر أو سماع من إمامكم المعصوم؟ فإن ادعيتم الضرورة باهتم (١) عقولكم واخترعتم ثم لم تسلموا من معارض يدعى أنه عرف بالضرورة بطلانه ، ثم يكون مقامه من تعارض الحق بالفاسد مقام من يعارض الفاسد بالفاسد ، وإن عرفتم بنظر العقل فنظر العقل عندكم باطل لاختلاف العقلاء فى نظرهم. وإن صدقتم به فأفيدونا وجه النظر وسياقه وما به الاستدلال على هذه الحماقات. وإن عرفتم ذلك من قول الإمام المعصوم فبينوا أن الناقل عنه معصوم ، أو بلغ الناقلون عنه حد التواتر ، ثم صححوا أن الإمام المعصوم لا يخطئ ؛ ثم بينوا أنه يستحيل أن يفهم ما يعرف بطلانه ، فلعله خدعكم بهذه الحماقات وهو يعلم بطلانها كما زعمتم أن النبي صلىاللهعليهوسلم خدع الخلق بصفة الجنة والنار ، وبما يحكى عن الأنبياء من إحياء الموتى وقلب العصا ثعبانا ، وقد كذب فى جميعها وذكرها مع علمه بأنها لم يكن منها شيء ، وأن الناس يفهمون منها على القطع ظواهرها ، وأنه كان يقصد تفهيم الظواهر ويعلم أنهم يفهمون ما يفهمهم من الظواهر ، وهو خلاف الحق ، ولكن رأى فيه مصلحة ؛ فلعل إمامكم المعصوم رأى من المصلحة أن يستهزئ بعقولكم ويضحك من أذقانكم ، فألقى إليكم هذه الترهات إظهارا لغاية الاستيلاء عليكم والاستعباد لكم ، وافتخارا بغاية الدهاء والكياسة فى التلبيس عليكم. فليت شعرى بما ذا أمنتم الكذب عليه لمصلحة رآها وقد صرحتم بذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم وهل بينهما فرق؟ إلا أن النبي صلىاللهعليهوسلم مؤيد بالمعجزة الدالة على صدقه ، والّذي إليه استروا حكم لا معجزة له سوى حماقتكم؟ هذا سبيل المطالبة.
وأما المعارضة فلسنا نقصد لتعيين الصور ، ولكن نعلمك طريقا يعم كلّ ما فى العالم من الأشكال والحروف. فإن كل موجود فهو من الواحد إلى العشرة فما
__________________
(١) باهتم : بهته : أخذه بغتة ، وبابه قطع ؛ ومنه قوله تعالى : (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) ، وبهته أيضا : قال عليه ما لم يفعله ، فهو (مبهوت) وبابه قطع ، و(بهتا) أيضا بفتح (الهاء) و(بهتانا) فهو (بهّات) بالتشديد والآخر (مبهوت). و(بهت) بوزن علم أى دهش وتحير و(بهت) بوزن ظرف مثله. وأفصح منهما (بهت) كما قال الله تعالى : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (مختار الصحاح).