وتَرى ويَرى وأَرى جعلوا الهمزة تعاقب وذلك لكثرة استعمالهم إياه* قال* وحدّثنى أبو الخطاب أنّ ناسا من العرب يقولون قد أرآه يَجِىءُ بها على الاصل من رأيت وأنشد غيره
أحِنُّ اذا رأيْتُ جِبَال نَجْد |
|
ولا أَرْأى الى نَجْد سبيلَا |
* أبو عبيد* رأى الرجُل فُلانا وراءه على القَلْب وأنشد
فَلَيْت سُوَيْد اراءَ من فَرَّمِنْهُمُ |
|
ومَن خَرَّاذ يَحْدُونَهُم كالجَلائِبِ |
ويروى بالكَتائِبِ* أبو على* الرَّأْى ـ الفعل والرِّئْىُ المرئى مثل الطَّحْن والطِّحْن فأما ما روى من قراءة من قرأ ورِيئًا فانه قَلَب الهمزة التى هى عين الى موضع اللام فصار تقديره فِلْعا فأما قولهم له رُوَاء فيُمكِن أن يكون فُعَالا من الرُّؤْية فان كان كذلك جاز أن تُحَقَّق الهمزةُ فيقال رُؤَاء فان خُفِّفت الهمزة أبدلت منها واوا كما أبدلتها فى جُوَن وتُودة فقلت رُوَاء ويجوز فى الرواء أن يكون فُعَالا من الرِّىِّ فلا يجوز همزه كما جاز فى قول من أخذه من باب رأيت فيكون المعنى أن له طَراءة وعليه نَضَارة لأن الرِّى يتبَعُه ذلك كما أنّ العطش يتبعه الذبول والجَهْد فاما قوله تعالى (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) فقد قرئ (تَرى) وتُرِى* قال أبو على* من فتح التاءَ فقال (ما ذا تَرى) كان مفعول (تَرى) شيئين أحدهما أن تكون ما مع ذا بمنزلة واحدة كاسم واحد فيكونان فى موضع نصب بأنه مفعول (تَرى) والآخر أن يكون بمنزلة الذى فيكون مفعول ترى الهاء والهاء محذوفة من الصلة وتكون ترى الذى هذا معناها الرَّأْى وليس إدراك الجارحة كما تقول فلان يَرَى رأْى أبى حنيفة ومن هذا قوله تعالى (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) فلا يخلو أراك من أن يكون نقلها بالهمزة من التى هى رأيت يريد رؤية البصر أو رأيت التى تتعدى الى مفعولين أو رأيت التى بمعنى الرأى الذى هو الاعتقاد والمَذْهب ولا يجوز من الرؤية التى معناها أبصرت بعَيْنَىَّ لأن الحكم فى الحوادث بين الناس ليس مما يُدْرَك ببصر فلا يجوز أن يكون هذا القسم ولا يجوز أن يكون من رأيت التى تتعدَّى الى مَفْعولين لأنه كان يلزم بالنقل بالهمزة أن يَتَعدَّى الى ثلاثة مفعولِين وهى فى تعديه الى مفعولين أحدهما الكاف التى للخِطاب والآخر المفعولُ المقدر وحَذْفُه من الصّلة تقديره بما أَراكه الله ولا مفعولَ ثالثا فى الكلام دليل على أنه