من رأيت التى معناها الاعتِقَادُ والرَّأْى وهى تتعدّى الى مفعول واحد فاذا نقل بالهمزة تعدّى الى مفعولَيْن كما جاء فى قوله تعالى (بِما أَراكَ اللهُ) فاذا جعلت ذا من قوله تعالى (ما ذا تَرى) بمنزلة الذى صار تقديرهُ ما الذى تراه فتَصِير ما فى مَوْضِع ابتداء والذى فى موضع خبره ويكون المعنى ما الذى تذهب اليه فى الذى ألقيْت إليك هل تَسْتَسْلم له وتَلَقَّاه بالقَبُول أو تأْنى غيرَ ذلك فهذا وجه قول من قال (ما ذا تَرى) بفتح التاء وقوله تعالى (افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) به دِلالة على الاستسلام والانقياد لامر الله جلَّ وعز وأما قول من قال ما ذا تُرِى فمعناه أجَلَدا تُرى على ما تُحْمل عليه أم خَوَرا والفعل منقول من رأى زيدٌ الشئَ وأريته إياه إلا أنه من باب أَعطيت فيَجُوز أن يُقْتصر على أحد المفعولين دون الآخر كما أن أعطيت كذلك ولو ذكرت المفعول كان من باب أَرَيت زيدا خالدا ولو قرأ قارئ ما ذا تُرَى لم يجز لأن تُرَى يتعَدَّى إلى مفعوليْن وليس هنا الا مفعول واحد والمفعولُ الواحد إمَّا أن يكونَ ما ذا مجموعةً وإما أن يكون الهاءَ التى يُقَدِّرها محذوفة من الصلة اذا قدّرت ذا بمنزلة الذى فاذا قُدِّرت محذوفة كانت العائِدةَ الى الموصول فاذا عاد الى الموصول اقتضى المفعولَ الثانى فيكون ذلك كقوله تعالى (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أى تزعُمُونهم إيَّاهم أى شركائى فَحُذِف المفعولُ الثانى لاقتضاء المفعول الاوّل الذى تَقديرُه الاثبات فى الصلة إيَّاه فهو قول* وأمّا ما حكاه سيبويه من قول العرب أمَا تَرَى أىُّ بَرْق هاهُنا فذهب أبو عثمان إلى أنه من رُؤية العين وهو شاذٌّ ويَذْهب الى أن الأفعال التى تعلق إنما هى أفعال النفس كعلمت وظننت وخِلْت الا هذا الحرفَ وحده وأما أبو على فذهب الى أنه إنما هو لهما وهى فى العين منقولةٌ قال والدليل على ذلك أن العلْم يَجْمع الحِسَّ والمعرفة فكل محسوس معلوم وليس كل معلوم محسوسا* سيبويه* رَأْىَ عَيْنى فعلَ ذلك كما قال سَمْعَ أُذُنِى* ابن السكيت* هو حَسَن فى مَرْآة العين وحَكى بعض العرب رَيْت فى معنى رَأيت وأنشد
يَحْلِف بالله أبُو حَفْص عُمَرْ (١) |
|
ما رايَها من نَفَر ولا وَبَر |
* صاحب العين* تَراءَينا ـ رَأَى بعضُنا بعضا* سيبويه* تَراءَيْت له ـ من الأفعال التى تكون للواحد* وقال* (٢) أرْأَيته إرْآأَةً وارْءَاءًا الهاء للتعويض وتركها على أن لا تعويضَ* صاحب العين* البَصَر ـ حِسُّ العين والجمع أبصار بَصُرت به
__________________
(١) هكذا رواية الاصل والصواب
أقسم بالله أبو حفص عمر |
|
مامسها من نقب ولادبر |
وهذه هى الرواية المشهورة ورواية البغدادى فى شرح شواهد الرضى ما ان لها من نقب ولا دبر اه
(٢) هكذا فى الاصل والذى فى القاموس وشرحه أريته إياه إراءةً وإراءً وهو الصواب ونص عبارة سيبويه فى الكتاب فى باب ما لقته هاء التأنيث عوضا لما ذهب وذلك قولك اقمته اقامة واستعنته استعانة وأريته اراءة وان شئت لم تعوض وتركت الحروف على الاصل الى أن قال وقالوا أريته إراء مثل أقمته اقاما لان من كلام العرب أن يحذفوا ولا يعوضوا اه بحروفه كتبه مصححه