اسْتَخْرَجْتَه الى غيرِ ذلك من قوانينِ التصريفِ التى جَفتْ أذهانُهم عن رِقَّتِها وغَلُظَتْ أفْهامُهم عن لُطْفِها ودِقَّتِها
فاشْرَأَبَّتْ نَفْسِى عند ذلك الى أَنْ أجْمَع كتاباً مُشْتَمِلاً على جميع ما سَقَطَ الَىَّ من اللغةِ الَّا ما لا بالَ بهِ وأَنْ أَضَعَ على كُلِّ كلمةٍ قابلةٍ للنظرِ تَعْليلَها وأُحْكِمَ فى ذلك تَفْرِيعَها وتأصِيلَها وان لم تكنِ الكلمةُ قابلةَ لذلك وَضَعْتُها على ما وَضَعُوه وتَرَكْتُها على ما وَدَعُوه تَحْبِيراً أُقَيِّنُه وأُرْهِفُه وتَعْبِيراً أُتْقِنُه وأُزَخْرِفُه ثم لم تَزلِ الايامُ بى عن هذا الامَلِ قاطِعه ولى دُونَهُ زابِنةً مُدافِعَه وذلك بما يَسْتَغْرِقُ زَمنِى من جَواهِدِ الاشْغال ويَاْطُرُ مَتْنَ قُوَّتِى من لَواهِدِ الاعْباءِ والاثْقال مع ما كنتُ الاحِظُه من مَوْتِ الهِمَم وقِلَّةِ المُغْلِينَ ثَمَناً بنَفائِسِ الحِكَم وتَوَلّىِ دَوْلة إعمالِ اللفظِ والقَلَمِ فى طاعةِ اللهِ وسبيلِ المَجْد والنَّفْعِ بالمالِ والجاهِ لاقتناءِ المَجْد واجْتِلَابِ الحمد حتى نَفَذَ ما لَوىَ من عِنانِى الَيْه وعَوَى من لسانِى وجَنانِى عَلَيْه وهُو المُتَقَبَّلُ المُطَاع والُمتَقَيَّلُ غيرُ المُضَاع أَمْرُ المُوَفَّقِ مولانا الملكِ الاعْظَم والهُمَامِ الاكْرم تاجِ المَآثِر وسِراجِ المعارفِ مُحْيىِ مَيْتِ الفَضْل ومُقِيمِ مُنْآدِ السِّياسة بِالعَدْل مُعِيدِ دَوائرِ الكرَمِ بايراقِها بَعْدَ ذَيّهِا ومُطْلِع نُجومِ الفَهْمِ باقامةِ الهِمَمِ على حِينِ إخْفاقِها فالآفاقُ بِثَنائِهِ عَبِقَهْ والالْسِنةُ بصِفَةِ عَلائهِ عَلِقَه والبِلادُ بميْسورِ نِعَمهِ وآلائِهِ لَثِقَه قد مَلَأَ الخافِقَيْنِ ذِكْرُه أَرَجا وعَمَّ قُلوبَ الثَّقَلَيْنِ حُبُّه لَهَجَا أفئدتُهم بِودِادِه مَعْقُوده وأَيْدِيهم فيه الى اللهِ تعالى بالقبولِ ممْدُودَهْ وحُقَّ له ذلك مِنْهُمْ بما أوْسَعَ العِبادَ مِن فَضْلهِ وأفاضَ على البلادِ من حُسْنِ سِيرتهِ وعَدْلِه فالكُلُّ مُسْتَقِرٌّ فى وارِفِ ظِلِاله ومُسْتَمرٌّ مُسْتَدِرٌّ لِأَهالِيلِ واكِفِ سِجَالهِ أَوْطأَهُمْ من التُّرابِ ما كانَ أَقَضّ وأساغَهم من الشَّرابِ ما كانَ أَغَصَّ وأجْرَضْ فعَادَ الَّلبَبُ رَخِيَّا ولانَ لَهُمْ مِنْ أَخادِعِ الزَّمنِ ما كانَ أَبِيًّا حِينَ ألْحفَهُم ظِلَالَ كَرمِهِ الْوافِيه وأَسْبَغَ عليهم أذيالَ نِعَمهِ الضَّافِيه
أطالَ اللهُ مُدَّةَ بقائِه وَحَفِظَ عليهم دَوْلَةَ عِزِّه وعَلَائِه وحَمَى حَوْزةَ الاسلامِ بسَلامةِ ذاتِه وحِفْظِ حَياتِه وتَبْكِيتِ عُداتِه وإمضاءِ شَباتِه وجَعَلَ المُناوِينَ له مِنْ حُسَّادِه ومُعانِديهِ وأضدادِه حَصائدَ قَلَمِهِ وحُسامِه وأَغْراضَ أَسِنَّتِه وسِهامِه وأدامَ ثَباتَ الدَّوْلةِ السَّعِيدةِ والمِلَّةِ الحَميدةِ ببقاءِ أيامِه
وكانَ الذى دَعاهُ أَنْمَى اللهُ سَعْدَه وأعْلَى جَدَّه وأَعَزَّ نَصْرَه وأحْيا فى الصالحاتِ ذِكْرَه