ستة : البديهيات وهي قضايا يحكم بها العقل لذاته لا لسبب خارجي سوى تصور طرفيها كالحكم بأن الكل أعظم من الجزء وغيره من البديهيات ، الثاني المشاهدات وهي إما مستفادة من حواس ظاهرة كالحكم بحرارة النار أو من الحواس الباطنة وهي القضايا الاعتبارية بمشاهدة قوى غير الحس الظاهر ، أو بالوجدان من النفس لا باعتبار الآلات مثل شعورنا بذواتنا وبأفعالنا ، الثالث المجريات وهي قضايا تحكم بها النفس باعتبار تكرار المشاهدات كالحكم بأن الضرب بالخشب مولم ، وتفتقر إلى أمرين المشاهدة المتكررة والقياس الخفي وهو أنه لو كان الوقوع على سبيل الاتفاق لم يكن دائما ولا أكثريا والفارق بين هذه وبين الاستقراء هو القياس ، الرابع الحدسيات وهي قضايا مبدأ الحكم بها حدس قوي من النفس يزول معه الشك كالحكم باستفادة نور القمر من الشمس ، وتفتقر إلى المشاهدة المتكررة والقياس الخفي إلا أن الفارق بين هذه وبين المجربات أن السبب في المجربات معلوم السببية غير معلوم الماهية وفي الحدسيات معلوم بالاعتبارين ، الخامس المتواترات وهي قضايا تحكم بها النفس لتوارد أخبار المخبرين عليها بحيث يزول معه الشك بعدم الاتفاق بين المخبرين والتواطؤ السادس فطرية القياس وهي قضايا تحكم بها النفس باعتبار وسط لا ينفك الذهن عنه.
قال : وواجب وممكن.
أقول : العلم ينقسم إلى واجب وهو علم واجب الوجود بذاته ، وإلى ممكن وهو ما عداه ، وإنما كان الأول واجبا لأنه نفس ذاته الواجبة.
قال : وهو تابع بمعنى أصالة موازيه في التطابق.
أقول : اعلم أن التابع يطلق على ما يكون متأخرا عن المتبوع ، وعلى ما يكون مستفادا منه ، وهما غير مرادين في قولنا العلم تابع للمعلوم فإن العلم قد يتقدم المعلوم زمانا وقد يفيد وجوده كالعلم الفعلي وإنما المراد هنا كون العلم والمعلوم متطابقين بحيث إذا تصورهما العقل حكم بأصالة المعلوم في هيئة التطابق وأن العلم تابع له وحكاية عنه وأن ما عليه