وغيره وقد سبق بيان وجوب العوض به من حيث اشتماله على الظلم لو لم يجب العوض.
الثاني تفويت المنافع إذا كانت منه تعالى لمصلحة الغير لأنه لا فرق بين تفويت المنافع وإنزال المضار فلو أمات الله تعالى ابنا لزيد وكان في معلومه تعالى أنه لو عاش لانتفع به زيد لاستحق عليه تعالى العوض عما فاته من منافع ولده ، ولو كان في معلومه تعالى عدم انتفاعه به لأنه يموت قبل الانتفاع به لم يستحق به عوضا لعدم تفويته المنفعة منه تعالى. وكذلك لو أهلك ماله استحق العوض بذلك سواء شعر بهلاك ماله أو لم يشعر لأن تفويت المنفعة كإنزال الألم ولو آلمه ولم يشعر به لاستحق العوض. فكذا إذا فوت عليه منفعة لم يشعر بها وعندي في هذا الوجه نظر.
الثالث إنزال المغموم بأن يفعل الله تعالى أسباب الغم لأن الغم يجري مجرى الضرر في العقل سواء كان الغم علما ضروريا بنزول مصيبة أو وصول ألم أو كان ظنا بأن يغتم عند أمارة لوصول مضرة أو فوات منفعة أو كان علما مكتسبا لأن الله تعالى هو الناصب للدليل والباعث عليه النظر فيه وكذا هو الناصب لأمارة الظن فلما كان سبب الغم منه تعالى كل العوض عليه وأما الغم الحاصل من العبد نفسه من غير سبب منه تعالى نحو أن يبحث العبد فيعتقد جهلا نزول ضرر به أو فوات منفعة فإنه لا عوض فيه عليه تعالى ولو فعل به تعالى فعلا لو شعر به لاغتم نحو أن يهلك له مالا وهو لا يشعر به إلى أن يموت فإنه لا يستحق العوض عليه تعالى لأنه إذا لم يشعر به لم يغتم به.
الرابع أمر الله تعالى عباده بإيلام الحيوان أو أباحه سواء كان الأمر للإيجاب كالذبح في الهدي والكفارة والنذر أو للندب كالضحايا فإن العوض في ذلك كله على الله تعالى لاستلزام الأمر والإباحة الحسن والألم إنما يحسن إذا اشتمل على المنافع العظيمة البالغة في العظم حدا يحسن الألم لأجله.
الخامس تمكين غير العاقل مثل سباع الوحش وسباع الطير والهوام وقد اختلف أهل العدل هنا على أربعة أقوال : فذهب بعضهم إلى أن العوض على الله تعالى مطلقا ويعزى هذا القول إلى أبي علي الجبائي ، وقال آخرون إن العوض على فاعل الألم وهو قول يحكي عن أبي علي أيضا ، وقال آخرون لا عوض هنا على الله تعالى ولا على